عنب بلدي – العدد 109 ـ الأحد 23/3/2014
مؤلمة هي الأيام التي تمر بها الثورة السورية، لكنها وبالرغم مما تحمله من قسوة وقتل وعنف وتهجير، إلا أن فيها أيامًا جميلة، ولن يختلف معي أحد في أن أيامها الأولى كانت الأجمل.
اختلف الناس حينها في التنبؤ بمصيرها، فمنهم من تفاءل ورأى أنها ستنتصر في شهور، ومنهم من كان متشائمًا وقدرّ بأنها سوف تمتد إلى عامين أو أكثر، أما اليوم فلا يكاد أحدٌ يجادل أن لا نهاية لها تبدو في الأفق المنظور.
- قصة ناشط ومدينة
المكان: حي من أحياء حماة.
الزمان: 12-09-2012
أبطال القصة: ناشطون حالمون، يعملون بجد في سبيل إيصال حقيقة مايجري في مدينتهم إلى العالم بأسره.
- بداية يوم ثوري
كنا نستيقظ كل صباح عاقدين العزم على العمل الحثيث وراء غاية نبيلة، لا مكاسب شخصية من ورائها، وكلنا أمل بتحقيق ما نصبو إليه، ألا وهو نيل حريتنا والخلاص من نظام مجرم مستبد.
نوزع المهام ويحاول كل منا القيام بعمله بأبهى صورة، ونساعد بعضنا ساعين بجد وحماس لنقل الأحداث كما في الواقع، مسلطين الضوء على ما نمر به من وقائع ويوميات وإن كانت موحشة سوداء قاسية المحتوى.
يعمل كل منا حسب ما أوكل إليه متَحدين صعوبات شتّى كانت تواجهنا، ونحاول اختيار الأوقات والأمكنة المناسبة للقيام بما نسعى إليه بخطىً ثابتة وعزيمة وإصرار وفرح عارم، إلى أن نتمّ مهمتنا على أكمل وجه.
تنقضي الساعات الطوال دون أن نشعر بها، وبالرغم من كل ذلك كنا نمر بلحظات نسرح فيها بخيالنا بعيدًا عن عالم الموت والدمار ونقل الخبر؛ نحاول أن نبتسم فيها علّنا ننسى ما نشاهد من مآس وما نعيش من قهر، فيعيدنا صوت قصف أو صوت رصاصة تشق طريقها لتقتل شخصًا يحاول أن يبتسم مثلنا، لتهتز الأحداث وتتشابك في عقولنا ونعلم حينها أننا قد غرقنا في غياهب اللاوعي، ونعود لواقع المعاناة المريرة.
نودع بعضنا ويعود كلٌّ منا إلى ملاذه الذي لم يكن آمنا يومًا من الأيام، محاولاً أن ينخرط في جوه العائلي الخاص، ليجد نفسه منهكًا على فراشه الدافئ، متمنيًا أن يحظى ببعض اللحظات كي يغفو قليلاً، فتجول في خاطره أفكار وتروح جيئةً وذهابًا، ثم تعود لتجول من جديد بعد هدوء نسبي خاطف جراء تعب سنة ونصف السنة من تجارب عشناها ومازلنا نعيشها حتى الآن؛ من وماذا ولماذا وهل وكيف، ونستطيع ذكر أحرف وأدوات كثيرة تعيننا على صياغة آلاف الجمل التي تمكننا من التعبير عن التشوش والضياع الذي كان يلازمنا، في النهاية نستسلم لنوم عميق، لنستيقظ في يومنا التالي الذي يشبه في أحداثه ماسبقه من أيام خلت، ونكرر ما فعلناه متمنين وموقنين بأن النصر لابد آتٍ، وأننا سنجتمع لنحتفل في سوريا الحرة.
- بين التعقيد والحل
لا يخفى على كل مطّلع على سير الأحداث في سوريا التعقيد الذي يسيطر على أبسط ما تحويه من حيثيات، إلا أن الكثير من العقلاء من ناشطي الثورة في مختلف المدن السورية يوقنون بأن الثورة بحاجة إلى مزيد من أولئك المبدعين الذين اعتمدوا على أنفسهم دائمًا، ولم يعلّقوا مصيرهم بالمساعدات الآتية من وراء الحدود؛ ساعين رغم العوائق والصعوبات وبعزيمة وإصرار لا يقلان قوة عما كان عليه إخوانهم في بدايات الثورة نحو تحقيق مطلبهم ونيل حريتهم التي بذلوا مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين والمهجرين من أجل الحصول عليها.