خسائر هي الأكبر منذ سنوات في حلب والرقة
هزائم تنظيم “الدولة” تنعكس على أهالي دير الزور
أورفة – برهان عثمان
“حياتنا تشبه اللعبة التي تتغير قواعدها باستمرار، وفق تشريعات الحكام، وهم هنا عناصر داعش وأمراؤه”، يقول الخمسيني أبو مؤيد، الذي مازال يعيش في مدينة دير الزور حتى اليوم، واصفًا لعنب بلدي حال أغلب المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” في المحافظة.
من يتابع تحركات عناصر تنظيم “الدولة” في دير الزور اليوم، يرى بوضوح حالة التخبط التي يعيشها، وقراراته التي يتخذها وتؤثر بشكل مباشر على الأهالي داخل المحافظة، تزامنًا مع هزائم يُمنى بها في سوريا والعراق.
التغيرات التي يشير إليها أبو مؤيد، ربما تحدث في ظرف أيام وأسبوع واحد، على حد وصفه، وتطال قرارات الدخول والخروج من وإلى المدينة، وربما التشديد أو التخفيف في تطبيق أحكام اللباس والمظهر العام، وصولًا إلى علاقات العناصر بين بعضهم.
حالة ارتباك
عشوائية في القرارات لم تكن معهودة بهذا الشكل سابقًا، في وقتٍ تعوّد فيه الأهالي على أوامر صارمة وقاطعة ومدروسة، وفق تعبير “أبو مؤيد”، ويرى أن استمرار ممارسات التنظيم “كالسجن والصلب والقتل لم يعد يؤثر على الأهالي”، مردفًا “ربما بدأ الجميع يدرك اقتراب نهايته”.
تأثر نهج التنظيم في سن القوانين والتشريعات وتطبيقها، بالأحداث الجارية والمستجدات على الأرض، التي قلّصت من مساحة حكمه إثر خسارات متوالية، خرج بموجبها حديثًا من كامل محافظة حلب، وحوصر في مدينة الرقة، إثر معارك ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
“قوة السلطة تأتي من قدرتها وفعاليتها على الأرض وشعور الناس بها”، وفق عمر الحسن (32 عامًا)، النازح من دير الزور، ويُقارن الشاب بين فترتي تنامي قوة التنظيم سابقًا وانحساره الحالي.
اعتمد تنظيم “الدولة” سابقًا على إطلاق إشاعات قبل إصدار القرار، وفق الحسن، ويعزو السبب “لتكون بالون اختبار يكشف ردود فعل الناس، ثم يلجأ إلى تعميم القرارعبر الملصقات وسيارات الحسبة والمطويات، وهنا يصبح ملزمًا ويعتاد الناس عليه”.
ما يُساعد التنظيم في تطبيق قراراته، حالة الرهبة التي نجح في فرضها ضمن مناطق سيطرته ولفترة طويلة، ويرى الشاب أنها بدأت بالانهيار “كانت خسارة التنظيم في عين العرب (كوباني)، أولى الهزائم وصولًا اليوم إلى الموصل والرقة”.
ويشير بعض من استطلعت عنب بلدي آراءهم، من أهالي دير الزور، إلى أن فقدان ثقة العناصر ببعضهم تؤثر على القرارات.
فقدان الثقة
لم تنجح تبريرات قيادة وشرعيي التنظيم، بإقناع الكثير من العناصر والأنصار، بكل القرارات الصادرة خلال الفترة الحالية، على الصعيدين العسكري والمدني، وفق رؤية أبو الطيب (40 عامًا)، الذي يقيم في إحدى قرى الريف الشرقي لدير الزور.
ويقول أبو الطيب لعنب بلدي، إن الكثير من عناصر التنظيم، بدأوا يتذمرون من استراتيجية معاركه، “التي تبدو فاقدة لبوصلة التوجيه والثبات والوضوح، خلافًا لمراحل نشأة التنظيم وتوسعه”.
وما يُعزز فرضية الرجل الأربعيني، تطبيق الجزاء على بعض المخالفات في وقت معين، وغض النظر عن مثلها في أحيان أخرى، إضافة إلى القرارات العسكرية التي تنقل العناصر بين الجبهات في العراق وسوريا.
كل ما يحدث يؤثر على الأهالي “الذين لا يملكون شيئًا من أمرهم”، وفق أبو الطيب، الذي يصف الأوضاع بـ”السيئة”، بينما يرى شاهد آخر (رفض كشف اسمه)، أن حقدًا يحمله الأهالي تجاه المهاجرين، “وخاصة العراقيين منهم، الذين ضربوا بسيف التنظيم وسلطته، وتعاملوا مع الأهالي بفوقية، كما رفعوا أسعار البضائع والمواد”.
ويقول ناشطون من دير الزور لعنب بلدي، إن تخبط السلطة انعكس على تصرفات الأهالي، الذين يبني الكثير منهم القرارات، وفقًا للأوضاع الميدانية وأساسها القصف وشح الموارد وفقدان المواد الأولية وتدمير البنية التحتية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :