خرائط “غامضة” تُرسم بعيدًا عن المعارضة والنظام

  • 2017/07/09
  • 2:17 ص

مقاتل من الجيش السوري الحر يستعد لموعد الإفطار في مدينة درعا - 19 حزيران 2017 - (رويترز)

 عنب بلدي – خاص

هدنة تُعلن بشكل مفاجئ للمرة الثانية منذ بدء الحملة العسكرية لقوات الأسد على مدينة درعا، كخطوة لفتح أبواب “المصالحة الوطنية”، وفق رؤية النظام السوري، ليقابلها نفي من المعارضة السورية بعدم العلم والتنسيق، وسط خرائط دولية وإقليمية ترسم بعيدًا عن الطرفين.

واتفقت الولايات المتحدة وروسيا، الجمعة 7 تموز الجاري، على وقف إطلاق النار في جنوب سوريا ابتداءً من ظهر الأحد 9 تموز، وفق وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي قال إن “خبراء روس وأمريكيين وأردنيين اتفقوا على مذكرة تفاهم لإقامة منطقة خفض تصعيد في درعا والقنيطرة والسويداء”.

وأضاف أن “قوات الشرطة العسكرية الروسية ستشرف على وقف النار بالتنسيق مع الأردنيين والأمريكيين”.

وتزامنت الهدنة مع مقاطعة “الجبهة الجنوبية” في “الجيش الحر” لمفاوضات أستانة، الأمر الذي فتح الباب واسعًا أمام سيل من الإشاعات، كان في مقدمتها الحديث عن اتفاقيات إقليمية على رسم جديد للخريطة العسكرية في درعا والمناطق الجنوبية المحيطة بها.

اتفاق يسحب “الجبهة الجنوبية” من أستانة

في اليوم الأول للنسخة الخامسة من “أستانة” قاطعت فصائل “الجبهة الجنوبية” المحادثات، وذكرت في بيان لها أنها “قاطعت تمامًا مؤتمر أستانة، ولا يوجد أي ممثل لها”.

وتحدثت وكالات أنباء دولية عن توافق تقريبي بين الأطراف المشاركة في “أستانة 5”، بخصوص ترسيم حدود مناطق “تخفيف التوتر” في سوريا.

لكن الجبهة نوّهت إلى أنه “ليس هناك أي تصريح لأحد بالتكلم أو التفاوض أو تمثيلها في المحادثات”.

سبب المقاطعة يعود إلى “عدم قدرة المؤتمرات الدولية المتتالية، على اتخاذ أي قرارات حادة من شأنها إيقاف إراقة الدم السوري”، وفق البيان.

وقال الرائد عصام الريس، المتحدث باسم “الجبهة الجنوبية” لعنب بلدي، إن البيان صدر “خوفًا من ادعاء أشخاص التمثيل وتوضيح موقف المقاطعة”.

إلا أن أعضاء من الوفود المشاركة للمعارضة في أستانة أوضحوا أن انسحاب “الجبهة الجنوبية” يعود إلى التوقيع على اتفاق أمريكي روسي أردني لإقامة منطقة عازلة في الجنوب السوري، الأمر الذي أكده اتفاق الهدنة الذي عقد بعد يومين فقط من ختام الجولة الأخيرة من المحادثات السياسية المتعلقة بسوريا.

في حين قال وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام، محمد المومني، عقب توقيع الاتفاق إن “الأطراف الثلاثة اتفقت على أن يكون وقف النار هذا خطوة باتجاه الوصول إلى خفض دائم للتصعيد في جنوب سوريا، ينهي الأعمال العدائية، ويعيد الاستقرار ويسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى هذه المنطقة المحورية في سوريا”.

وأضاف أن “الدول الثلاث أكدت أن هذه الترتيبات ستسهم في إيجاد البيئة الكفيلة بالتوصل إلى حل سياسي دائم للأزمة، كما أكدت التزامها العمل على حل سياسي عبر مسار جنيف وعلى أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254) وبما يضمن وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها”.

“فصائل أستانة” تطالب بإلغاء الاتفاق

في سياق متصل وعقب الجولة الختامية من “أستانة” طالب وفد الفصائل المشارك في المحادثات فصائل “الجبهة الجنوبية” التابعة لـ “الجيش السوري الحر” بـ “سحب الخرائط المتفق عليها مع روسيا وأمريكا والأردن وتوحيد العمل مع الشمال”.

وأعرب الوفد، في بيان حصلت عليه عنب بلدي، عن قلقه من الاجتماعات السرية التي عقدتها “الجبهة الجنوبية” مع واشنطن وموسكو في الأردن، إذ تفضي بـ “فصل الجنوب عن الشمال للمرة الأولى، كما أنها قسمت سوريا والوفد والمعارضة”، مطالبًا بـ “تسليم الخرائط للضامن المتفق عليه وتوحيد العمل”.

وأوضح البيان أن “الاتفاق يقبل بالوجود الإيراني فيما بعد المنطقة العازلة المقدرة بـ 40 كيلومترًا على الحدود السورية الأردنية، والسورية الفلسطينية، إضافة إلى فتح معبر نصيب أو معبر في محافظة السويداء لقوات النظام السوري”.

ماذا يقول العسكريون على الأرض؟

من جانب آخر اعتبر قيادي عسكري في مدينة درعا (طلب عدم ذكر اسمه) أن “تكرار إعلان الهدن من قبل قوات الأسد، ما هو إلا احتيال على الرأي الدولي والإقليمي، إذ يحاول الأسد الترويج لنفسه، على أنه من المهتمين بالهدن والمصالحات بعيدًا عن الحلول العسكرية”.

وأوضح أن “وتيرة الاشتباكات والقصف انخفضت بشكل ملحوظ، لكن بين الحين والآخر تتعرض الأحياء المحررة للقصف بصواريخ الفيل والبراميل المتفجرة، إضافةً إلى القصف المدفعي”.

وقال “نحن أعلنا مرارًا موافقتنا على أي حلول سلمية تضمن حقوق أهلنا ولا تفرط بتضحيات الشهداء، لكن ما يحصل اليوم غير ذلك، لذلك نحن ملتزمون بالتصدي لأي تعزيزات، ومواجهة أي تحركات”.

وعن المفاوضات الأخيرة التي دارت في أستانة أشار المصدر إلى أن الفصائل العسكرية “ليست معنية بأي مخرجات ما لم تشارك بصناعتها والتأكد من تحقيقها لجميع متطلبات الشعب السوري، وعندما نُدعى لمفاوضات، ترعاها وتضمنها روسيا فهذا دليل على فشلها قبل انطلاقتها”، مؤكدًا “لن ينجح أحد، بفرض أي حلول علينا”.

في المرة الأولى التي أعلن فيها النظام السوري هدنة امتدت لـ 48 ساعة حينها فقط، فاجأت قوات الأسد فصائل المعارضة بهجوم واسع مع أولى ساعات نفاد الهدنة، وسيطرت من خلاله على عدد من المواقع في محيط مدينة درعا، لتستعيد المعارضة مواقعها من جديد، وبحسب رؤية المصدر “تتحضر قوات الأسد حاليًا لتكرار ذات السيناريو”.

وأشار إلى “رصد تحركات وتعزيزات كبيرة، تزامنت مع معلومات عن عمل عسكري يتم التحضير له قبل إعلان الهدنة، وهذا دليل إضافي على كذب هذه الهدن، التي يتم إعلانها للإعلام”.

غياب الثقة لدى المدنيين

غياب الثقة عن الهدن التي تعلن في الجنوب السوري لم يقتصر على العسكريين فقط، بل وجدت لدى الأهالي، سواء الذين بقوا منهم في في مدينة درعا، أو النازحون عنها، الذين ساعدهم الانخفاض النسبي في مستوى الاشتباكات والقصف على العودة إلى منازلهم وتفقّد ما خلفه القصف في أحيائهم.

وقال عماد السليمان، أحد الأهالي النازحين من درعا المحطة، الذي استغل ساعات قليلة من الهدنة للعودة وتفقد ما تبقى من منزله، “لم أستغرب من حجم الدمار، فالمدينة تعرضت لآلاف القذائف، ومئات الغارات من الطيران الحربي”.

تعرض منزل عائلة عماد، لقذيفة مدفعية خلفت أضرارًا جسيمة، وأضاف لعنب بلدي “استطعت إخراج بعض الحاجيات من المنزل (…) حجم الدمار في الأحياء وغياب الخدمات بشكل شبه كامل يؤكد أن العودة لن تكون قريبة”.

وخلفت الحملة العسكرية لقوات الأسد على أحياء مدينة درعا دمارًا شبه كامل في الأحياء السكنية، وتقدر أوساط محلية نسبة الدمار بمخيم النازحين في درعا بأكثر من 90% منه.

وبحسب وجهة نظر السليمان فـ “حتى لو قبلت قوات الأسد بالمفاوضات، فهي لن تقبل بأكثر مما خرج به أهالي باقي المناطق الثائرة، من تهجير وإفراغ للمدن من أهلها، لذلك تغيب أي آمال للأهالي، من نجاح أي مفاوضات حالية أو مقبلة”.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا