تغيّرات متسارعة في تكتيكات المعارك السورية

  • 2017/07/05
  • 11:12 ص
عناصر من قوات الأسد على الجبهات العسكرية في ريف حمص الشرقي - كانون الثاني 2017 - (سبوتنيك)

عناصر من قوات الأسد على الجبهات العسكرية في ريف حمص الشرقي - كانون الثاني 2017 - (سبوتنيك)

براء الطه

تتسارع الأحداث على الأرض السورية في سباق لمختلف القوى المتصارعة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب وتقاسم تركة “التنظيم المترنح”، الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من النهاية، وأصبحت خلافته التي أحرقت الأخضر واليابس على مدار ثلاث سنوات مجرد أضغاث أحلام.

فيما تبدلت الكثير من الخطط والخطوات على الأرض، حيث اتخذ جيش النظام والقوات الرديفة له استراتيجية جديدة مفادها السيطرة على العقد الطرقية وتأمين الطرق الرئيسية بين مناطق سيطرته، وذلك بعد مؤتمر أستانة الرابع، محققًا نتائج واسعة وكبيرة على الأرض، ومنها تأمين الطريق من الرصافة في محافظة الرقة إلى أثريا والسلمية في محافظة حماة، متطلعًا إلى تأمين جيب عقيربات ووصل تدمر بحماة خلال الأيام المقبلة، لتكون هذه هي المرحلة الأخيرة قبل توجه قوات النظام إلى السخنة آخر مدن البادية السورية، بعد أن شكل قوسًا حول دير الزور، بسيطرته على جزء كبير من البادية السورية الممتدة من الرصافة في ريف الرقة إلى أراك في ريف تدمر، ليتقدم بشكل مريح وآمن نحو بلدة السخنة على طريق دير الزور والتي تعد أهم وأقوى حواجز داعش .

ومن الملاحظ أن النظام غيّر تكتيكاته الإعلامية أيضًا مؤكدًا على علو نسبة الأمن واستمرار الحياة المدنية، ومدللًا على ذلك بتنقل رأس النظام بين المدن وفي الشوارع بشكل مدني، وقد ظهر ذلك عبر مقاطع مصورة و في أكثر من مكان سواء في دمشق أو حماة أو اللاذقية .

ترافق هذا مع قيام النظام بإخلاء أجزاء من المناطق الداخلية التي يسيطر عليها من مظاهر العسكرة وبالأخص المدن الرئيسية كدمشق وحلب وحماة وحمص، والاكتفاء بهذه المظاهر على المداخل والأطراف، وذلك لغايتين: الأولى هي الاستفادة من العناصر في تحقيق الحشد البشري المناسب باتجاه دير الزور وقبله السخنة، وهي مساحات واسعة تحتاج إلى عديد لابأس به من القوات، أما الغاية الثانية فهي تقديم صورة المدن الآمنة ذات المظهر الحضاري التي تعيش بشكل طبيعي بعد انتهاء الحرب.

التغييرات ستشمل المعارضة العسكرية وخاصة بعض الفصائل التي تقاتل في البادية والتنف مع حديث متزايد عن نقل مجموعات منها الى منطقة الشدادي، قام بها الطيران الأمريكي، وذلك بعد تمدد قوات النظام إلى الحدود العراقية شمال التنف وقطع الطريق أمام قوات المعارضة المدعومة أمريكيًا إلى دير الزور، الأمر الذي أعاد خلط الأوراق وأوجب أن يتم دخول المحافظة (عن طريق المعارضة) من الجهة الشمالية لها بمساندة “قسد” نحو دير الزور، وذلك يتوافق مع عمل “قسد” للتمدد نحو المنطقة الشرقية الغنية بالثروات الداخلية وتجهيزها لمجلس محلي مدني على غرار مجلس الرقة، الذي أعلن عن تشكيله بالتزامن مع إطلاق عملية تحرير المدينة .

وربما يكون لهذه العملية نقطة إيجابية مضافة، وهي طمأنة العنصر العربي في محافظة دير الزور، لاسيما أن القوات التي تم نقلها هي قوات محلية من أبناء المحافظة .

وعلى الرغم من التصريحات والتصريحات المضادة بين الفينة والأخرى بين الأطراف الموجودة في المنطقة، إلا أن مجريات الأمور لا توحي إلا بوجود رضى وتنسيق عالٍ بين جميع الأطراف الداعمة للقوى على الأرض، فيما يبقى المدنيون حطب هذه التفاهمات وهم من يدفع الثمن الأكبر لها.

تغيرٌ آخر في التفاصيل السورية الجديدة قد يكون بعيدًا عن الشرقية جغرافيًا لكنه متأثر بها بشريًا وسط حديث متزايد عن أقصى الغرب السوري وتحديدًا محافظة إدلب (جيب إدلب إن صحت التسمية بشكل أدق)، حيث تستعد تركيا لدخوله بعملية عسكرية على غرار عملية “درع الفرات” وسط تسريبات عن أن الدخول سيكون بعمق 35 كيلومترًا يشمل مدينة إدلب، في ظل تفاهم روسي تركي وتنسيق للدخول إلى هذه المنطقة التي لا تزال خاضعة لـ “هيئة تحرير الشام”، ذات القاعدة الشعبية الكبيرة في المنطقة.

هذه القاعدة التي تعارض دخول القوات التركية خوفًا من قيام هذه القوات بمساندة طرف عسكري سوري معارض أخذ على عاتقه اجتثاث الهيئة، في حال فشلت عملية احتوائها من خلال مفاوضات تجري معها ومع الدول الداعمة لها، ليكون دخولها إلى مناطق إدلب آمنًا ودون منغصات.

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي