عنب بلدي – خاص
تستميت قوات الأسد والميليشيات المساندة له للسيطرة على حي جوبر الدمشقي وفصله عن بقية مدن الغوطة الشرقية، من خلال حملة عسكرية بدأتها من ثلاثة محاور، وبعتاد عسكري كبير وتغطية جوية يومية من قبل الطيران الروسي على الخطوط الأولى للاشتباك، وعلى الأحياء السكنية في المجاورة.
وتكررت إعلانات قوات الأسد في الأيام الماضية عن التقدم في عمق الحي، مشيرةً إلى “إنجازات كبيرة على حساب الإرهابين”، ليقابلها نفي من قبل فصيل “فيلق الرحمن” ذي النفوذ الأكبر في الحي، الذي أكّد صدّ كافة المحاولات، وإيقاع عشرات القتلى بينهم ضباط.
وتمكن النظام على مدى الأشهر الماضية، من تأمين حزام العاصمة، خاصة من جهة الغرب والشمال، ولم يبقَ للمعارضة سوى جيوبٌ في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق.
ثلاثة محاور للاقتحام
يتركز هجوم قوات الأسد على ثلاثة محاور الأول من جهة عين ترما، والثاني من حي عربين شمال جوبر، إضافةً إلى المحور الرئيسي على الحي بشكل مباشر.
وتأتي هذه العمليات بعد السيطرة الكاملة على حي القابون الدمشقي باتفاق أخلى مقاتليه بشكل كامل.
كما تتزامن مع العمليات العسكرية شرق الغوطة الشرقية على جبهة حوش الضواهرة، والتي أعلن “جيش الإسلام” صد المحاولات في الأيام الماضية.
وتبعت العملية الاقتتال بين “جيش الإسلام” من جهة، و”هيئة تحرير الشام” و”الفيلق” من جهة أخرى، والذي أعلن فيه الأول القضاء على “الهيئة”.
وذكرت وسائل إعلام النظام، في 29 حزيران الماضي، أن “الجيش السوري سيطر بالكامل على عقدة عين ترما ومجموعة أبنية محيطة بها”.
وقالت إن “العمليات العسكرية متواصلة بعد السيطرة على عدد من كتل الأبنية جنوب كازية سنبل في وادي عين ترما، بعد اشتباكات مع المجموعات المسلحة أوقعت قتلى وجرحى في صفوف المسلحين”.
وفي حديث مع الناطق الرسمي باسم “فيلق الرحمن”، وائل علوان نفى تقدم قوات الأسد في جوبر والأحياء الملاصقة به.
وأوضح لعنب بلدي أن “النظام السوري بث صورًا لمناطق تحت سيطرته من قبل، إذ يخضع التقاطع بين جسر الكباس ومفرق عين ترما لسيطرته خلال المعارك القديمة، ولم يدخل عليها الجيش الحر نهائيًا سابقًا”.
وأشار إلى أن “الأمور العسكرية تحت السيطرة، وهناك صدّ دائم للاقتحام والأرتال، إلى جانب خسائر كبيرة في المدرعات والعنصر البشري للنظام”.
وأكد الناطق أن “نقاط حيي جوبر وعين ترما كما هي دون أي زعزعة أو تقدم للنظام”.
وتكررت إعلانات “فيلق الرحمن” في الأيام الماضية من الحملة العسكرية عن إعطاب العشرات من الآليات العسكرية، إلى جانب مقتل عناصر من قوات الأسد في “سلسلة محاولات الاقتحام الفاشلة على المنطقة”.
غارات جوية تساند العمليات العسكرية
وفي سياق العمليات على الأرض، كثّف الطيران الحربي والمروحي قصفه للحي والأحياء المجاورة له، كتمهيد جوي تعتمد عليه قوات الأسد للتقدم.
وأفادت مصادر أهلية من الحي أن أكثر من 15 غارة جوية يشنها الطيران الحربي على الحي بشكل يومي، إضافةً إلى استهدافٍ مماثل لكلٍ من بلدات زملكا وعين ترما ودوما.
ويؤكد الإعلام الحربي التابع لقوات الأسد القصف الجوي، ويقول إنه يستهدف “مواقع المسلحين في محيط جسر زملكا وفي وادي عين ترما، وطرق إمدادهم بين عين ترما وحي جوبر”.
بوابة الغوطة
وتأتي أهمية حي جوبر كونه بوابة الغوطة الشرقية إلى عمق العاصمة دمشق، إذ تبدأ حدود الحي من المتحلق الذي يفصله مع مدينة زملكا وصولًا إلى ساحة العباسيين، وبين حيي باب توما والقصاع والتجارة غربًا، وعين ترما والدويلعة جنوبًا.
وتبلغ مساحته 2 كيلومتر و860 مترًا، وكان يعتبر الشريان الاقتصادي الأول لمدينة دمشق، قبل اندلاع أحداث الثورة السورية.
وسيطرت عليه المعارضة منتصف 2013، وتحول فيما بعد لأكثر الجبهات العسكرية المشتعلة في الغوطة الشرقية.
ويعتبر من أكثر الأحياء التي مني فيها الأسد بخسائر كبيرة من حيث العتاد والعنصر العسكري، إذ تكرر استهداف غرف العمليات فيه، وقتل عشرات الضباط وقادة العمليات العسكرية.
كما بدأت منه فصائل المعارضة في الأشهر الماضية عمليةً تحت مسمى “يا عباد الله اثبتوا”، سيطرت من خلالها على نقاط متقدمة في محيط كراج العباسيين، ورصدت شارع فارس خوري المؤدي إلى أحياء العاصمة دمشق، لكنها سرعان ما تراجعت إلى خطوطها الأولى.
وبعد سيطرة قوات الأسد على منطقة المليحة، البوابة الثانية للغوطة، اكتسب الحي أهمية كبيرة كونه الممر الأخير تجاه عمق الغوطة.
وفي حال تمكنت قوات الأسد من فصله، تحكم السيطرة على طريق المتحلق الجنوبي بالكامل، الأمر الذي يفرض خناقًا على المعارضة السورية في باقي مدن الغوطة، بينما يؤمّن النظام حدود دمشق، خاصة من جهة مبنى المخابرات الجوية وملعب العباسيين الذي تحوّل إلى ثكنة عسكرية لإدارة العمليات العسكرية والأمنية في السنوات الأولى للثورة السورية.