عنب بلدي – العدد 108 ـ الأحد 16/3/2014
لم يعد هناك فرق بين آلاف الأطفال السوريين اللاجئين والمشردين والمحرومين من التعليم في دول عدة، وبين أولئك الأطفال الذين يحاصرهم الموت والخراب والدمار ممن لم يستطع أهلهم الخروج من سوريا، فالمشهد يبدو مماثلاً في حالة الحرمان من التعليم، ولاسيما لدى آلاف الأطفال داخل سوريا ممن كانوا ينتظرون العام الدراسي بلهفة –قديمًا– إلى أن انعكست الأوضاع وتبدلت عليهم.
في داريا، المدينة التي تشهد حملة عسكرية منذ سنة ونصف، شهدت المدارس ورياض الأطفال التي سلمت من القصف تمركزًا لقوات الأسد فيها، ليبقى أكثر من خمسمئة طفل دخل في السن الدراسي تحت حصار الجهل حسب إفادة «أبو مجاهد» عضو المركز الإعلامي في المدينة.
ومع بداية العام الدراسي الجاري قام المجلس المحلي بالتعاون مع من بقي في المدينة من ذوي الخبرات والكفاءات بإنشاء مدرسة «داريا المستقبل»، حيث ضمت المدرسة 120 طفلًا بين طالب وطالبة، فيما رفض أهالي قرابة 400 طفل إرسالهم إليها «خوفًا عليهم من القصف».
وقد شملت المدرسة المراحل التعليمية من الحضانة إلى الصف الثاني المتوسط (الثامن الإعدادي)، واستمرت المدرسة «بشكل جيد» لمدة خمسة أشهر ونصف، لكن البراميل المتفجرة بدأت تمطر المدينة منذ بداية العام الحالي ما اضطر القائمين عليها لإغلاق أبوابها حرصًا على السلامة، ليعود الأطفال دون دراسة مرة أخرى.
وكذلك الأطفال النازحون مع عائلاتهم إلى المناطق النائية في الغوطة الغربية، يعاني الأهل من بعد المدارس وطول الطريق فلا وسيلة نقل تقلهم، ولا أمان يكفل سلامتهم.
«نور» النازح مع أمه وإخوته الصغار إلى قريبة المقليبة في الغوطة، بلغ ستة أعوام وهي السن الذي يلتحق فيها الطفل عادة بالمدرسة، لكنه إلى الآن لم يتعلم تهجئة الأحرف وكتابتها بشكل صحيح.
وتقول أمّ نور أنها غير متفرغة لتعليمه بسبب انشغالها بالعناية بأخويه الصغيرين، أما والده المتخرج من كلية الآداب باختصاص «اللغة العربية» منشغل أيضًا بالعمل في سوق الخضرة ليحصل على مبلغ يسد به رمق صغاره الثلاثة.
أما المهجرون إلى دول الجوار -خصوصًا في لبنان– يعيش أطفالهم في المخيمات في حالة جهل مطبق، فعلى طريق مدينة زحلة الصناعية وعلى امتداد خمس كيلومترات يتوزع على جانبيه أكثر من 13 مخيم، يتراوح عدد الأطفال المنقطعين عن التعليم أو الذين بلغوا سن الدراسة ولم يحصلوا على تعليمهم منذ أكثر من عامين حوالي 800 طفل، حيث لا مدارس قريبة قادرة على استيعابهم، ولا قدرة لأهلهم على دفع تكاليف تعليمهم بمدارس خاصة.
وقد أفاد «أبو حسن» القائم على أحد المخيمات في زحلة عرض قطعة من الأرض مجانًا للجمعيات شريطة إنشاء مدرسة عليها تخص أطفال المخيمات القريبة، لكن «لا أحد يسمع أو يستجيب لكلامه».
يذكر تقرير لليونيسيف صدر تحت عنوان «الحصار.. الأثر المدمر للأطفال» أن نحو ثلاثة ملايين طفل سوري داخل سوريا أو في الدول المجاورة غير قادرين على الذهاب إلى المدارس بانتظام، وأوضح أن هذا الرقم يشكل نحو نصف سكان سوريا ممن هم في مرحلة الدراسة، وأن ما يقدر بمليون طفل سوري محاصرين أو في مناطق يصعب الوصول إليها، وأن الملايين مهددون بأن يكونوا جيلًا ضائعًا.