د. أكرم خولاني
يعتبر هذا المرض من أهم أمراض الشتاء عند الأطفال، وهو التهاب يصيب الأجزاء الانتهائية من القصبات، أو ما يسمى بالقصيبات الشعرية، مما يؤدي لتضيقها أو انسدادها مسببًا صعوبة في التنفس عند الطفل.
يحدث هذا المرض بشكل نموذجي عند الأطفال الرضع ودون سن السنتين، وتكون ذروة حدوثه بين عمر 3 و 6 أشهر. ويصيب الذكور أكثر من الإناث، والأطفال الذين يتناولون الحليب الصناعي يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض من الذين يرضعون من أمهاتهم. ومن العوامل المساهمة في الإصابة أيضًا تعرض الطفل لدخان السجائر والتلوث البيئي.
ما أسباب هذا المرض
غالبًا ما ينتج هذا الالتهاب عن خمج فيروسي، وهو أهم الفيروسات المسببة، حيث ينتشر هذا الفيروس في فصل الشتاء وأوائل الربيع، فتؤدي الإصابة به لدى الأطفال تحت السنتين من العمر إلى التهاب القصيبات، بينما تؤدي الإصابة لدى الأطفال الأكبر إلى زكام أو تشنج قصبي بسيط RSV.
ومن الجدير بالذكر أن هذا المرض معدي جدًا، وهو ينتشر نتيجة لمس اللعاب أو المفرزات التنفسية كالرذاذ الناتج عن العطس والسعال، وعادة ما تكون العدوى من أحد أفراد العائلة المصاب بالزكام البسيط.
ما أعراض الإصابة بالمرض
يبدأ المرض على شكل سيلان وانسداد أنف وسعال بسيط مع ارتفاع في درجة الحرارة، وتستمر هذه الحالة لمدة يومين، ثم يزداد السعال شدة ويترافق بوجود صفير وتهيج للطفل واستيقاظه المتكرر والصعوبة في التغذية ونومه، وفي الحالات الأكثر خطورة قد يصبح التنفس سريعًا وضحلًا، ويحدث سحب بين الأضلاع في منطقة الصدر، ويترافق ذلك مع ظهور الشخير وتوسع فتحتي الأنف أثناء التنفس وتسارع ضربات القلب، وقد يبدأ الطفل يظهور الزرقة في الشفتين وأطراف الأصابع، وقد يصاب الطفل بالجفاف نتيجة ضعف التغذية وفقدان السوائل من خلال التنفس السريع.
يستمر المرض عادة لمدة أسبوع، وتكون ذروة الأعراض خلال اليومين الثاني والثالث من بدء السعال، ثم يبدأ المرض بالتراجع، وقد يستمر السعال لعدة أسابيع.
كيف يتم تشخيص الإصابة بالمرض
عادةً ما يتم التشخيص من قبل الطبيب وفقًا للفحص السريري، ولا داعي للتحاليل المخبرية أو الصور الشعاعية، ومعظم هذه الاختبارات غير نوعية لتشخيص التهاب القصيبات الشعرية، ومع ذلك يجرى في بعض الحالات تصوير الصدر بالأشعة السينية لنفي وجود أمراض أخرى تعطي أعراضًا مشابهة.
كيف يعالج التهاب القصيبات الشعرية
يتم تقديم العلاج الداعم فقط، إذ ليس هناك علاج نوعي لهذا المرض، ولا تفيد مهدئات السعال ولا المضادات الحيوية في العلاج، ولكن قد يلجأ الطبيب إلى موسعات القصبات.
وتقتصر المعالجة المنزلية على: تزويد الطفل بالسوائل أكثر من المعتاد، وقد يفيد ترطيب جو المنزل بأجهزة التبخير، وكذلك تنظيف الأنف بالسيروم الفيزيولوجي، خاصة قبل الرضاعة وعند النوم، وإعطاء الباراسيتامول عند ارتفاع الحرارة.
ومع ذلك، يجب الاتصال بالطبيب في حالة اشتداد الأعراض، وهذا يشمل: صعوبة التنفس (وزيز – توسع فتحات الأنف – زرقة – سحب بين الأضلاع – توقف تنفس)، نوبات سعال حادة، وجود حرارة عالية، ظهور علامات تجفاف، وتبول أقل من المعتاد.
وهناك بعض الحالات التي يجب علاجها في المستشفى وهي: جميع الأطفال المصابين الذين تقل أعمارهم عن ثلاثة أشهر، تسارع ضربات القلب وصعوبة التنفس، وجود قيء وإسهال، ضعف الرضاعة البارزة، ووجود حالات مرضية خاصة (مثل الأطفال الذين وُلدوا مبتسرين أو الأطفال الذين يعانون من أمراض قلبية أو رئوية).
كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالمرض
عدم التدخين بجانب الطفل – غسل اليدين قبل لمس الطفل – إبعاد الطفل عن الأطفال المصابين بالرشح والسعال – إعطاء اللقاحات (لقاح الإنفلونزا بعد سن 6 أشهر وقبل سن 5 سنوات – لقاح ضد فيروس RSV والذي يعطى قبل فصل الشتاء وبخاصة للأطفال الأصغر من سنتين ولديهم أمراض رئوية مزمنة أو أمراض قلبية خلقية والأطفال الخدج).
هل التهاب القصيبات الشعرية هو ربو الأطفال
هناك فرق بين المرضين؛ فالربو يشخص في كل الأعمار ويسبب وزيزًا متكررًا، لكن التهاب القصيبات الشعرية نادرًا ما يحدث بعد عمر السنتين ويترافق عادة بالحمى وسيلان الأنف.
وتجدر الإشارة إلى وجود بعض الدراسات التي تقول إن الأطفال الذين يصابون بالتهاب القصيبات الشعرية قد يحدث لديهم الربو مستقبلًا.