لترسيخ الفيدرالية أم نحو العدالة والتطوير؟
“الإدارة الذاتية” تفرض قانون “ضرائب الدخل”
عنب بلدي – مراد عبد الجليل
ينتظر مواطنو محافظة الحسكة الخاضعة بمعظمها لسلطة “الإدارة الذاتية” دفع ضريبة، بداية العام المقبل، تحت اسم “ضريبة الدخل” التي أقرها “المجلس التشريعي في مقاطعة الجزيرة”، في أيلول 2016، ثم صادقت “الإدارة” عليها لتصبح قانونًا نافذًا في 15 حزيران الجاري.
القانون الجديد لاقى الكثير من التساؤلات حول كيفية تطبيقه وآثاره الإيجابية والسلبية، ما دفع الهيئة المالية في “الإدارة الذاتية” لتوزيع “بروشورات” على المواطنين في الشوارع والأسواق، تضمنت تعريفًا ببعض النقاط وكيفية تطبيقه.
وإلى جانب التساؤلات قوبل القانون بموجة غضب من قبل المواطنين بسبب إثقال كاهلهم بعبءٍ ماديٍ إضافي وسط ظروف اقتصادية صعبة يمرون بها بسبب الحروب، وسط إشارات استفهام كثيرة حول الأسباب التي دفعت إلى فرض الضريبة في الوقت الحالي.
لكن الرئيسة المشتركة للهيئة المالية في “الإدارة الذاتية”، رمزية محمد، أرجعت، في حديث إلى عنب بلدي، سبب إصدار القانون في الوقت الراهن إلى الحالة الاقتصادية والحصار الذي تعيشه “مقاطعة الجزيرة”، إضافة إلى “تطوير الخدمات العامة من ناحية الصحة والتعليم، وتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع المستوى الاقتصادي للفرد والمجتمع عن طريق تعزيز الموازنة”، بحسب تعبيرها.
وتخضع معظم محافظة الحسكة لسيطرة “الإدارة الذاتية”، لكنها تعاني من صعوبات اقتصادية رغم غناها الزراعي والنفطي، وذلك بسبب الخلافات مع الجيران سواء من دول الجوار أو الداخل السوري.
النازحون مشمولون بالقرار
القانون الجديد حدّد الشرائح التي ستدفع الضريبة إضافة إلى المعفيين منها، وبحسب رمزية محمد فإن “الشخص الخاضع للضريبة هو كل من لديه مردود مالي نتيجة قيامه بنشاط اقتصادي أو تجاري خلال سنة مالية واحدة، ويكون من أبناء روج آفا (شمال شرق سوريا)، إضافة إلى المقيمين في مقاطعة الجزيرة أو من في حكمهم”.
ولن يكون النازح من المحافظات بمنأى عن دفع الضريبة، وفق محمد، التي أكدت أن “النازح من محافظة سورية أخرى، ولديه مكان عمل ومردود من الربح نتيجة عمله خلال سنة مالية سيخضع للقانون، أما اللاجئون والنازحون المقيمون في المخيمات فلا يشملهم”.
في المقابل، أعفى القانون من الضريبة كلًا من “منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الخدمية غير الهادفة للربح، والمنظمات الدولية التابعة لهيئة الأمم المتحدة، والمنشآت التعليمية العامة (المشافي والمراكز الصحية العامة)، والقطاع المرتبط بدور العبادة والمؤسسات الدينية، والجمعيات التعاونية الزراعية والصناعية والحرفية والسكنية غير الهادفة للربح، ومعاهد ومؤسسات ذوي الاحتياجات الخاصة، والأشخاص الذين يمارسون في مهن العزف والنحت والرسم والتأليف والتلحين”.
في حين تفرض الضريبة على الموظفين العاملين في هذه المنظمات والمؤسسات والجمعيات المدنية بحسب دخلهم السنوي.
شرائح متعددة مستهدفة من القانون
وقُسم المشمولون بالقانون إلى تسع شرائح، بحسب الإيرادات التي تتقاضاها سنويًا، وتنقسم إلى موظفي “الإدارة الذاتية”، ثم المنظمات والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية، فأصحاب المهن الصغيرة، والحرفيين، والمصوريين والتجار.
أما بحسب الدخل، فيقسم المكلفون إلى شريحتين، الأولى يتراوح دخلها سنويًا بين ليرة سورية واحدة ومليون و200 ألف ليرة سورية، وتكون الضريبة عليها ألف ليرة، أما الثانية من مليون و200 ألف حتى مليوني ليرة، تكون الضريبة عليها بنسبة 1%.
واعتبارًا من الشهر المقبل سيبدأ العمل بإعداد قاعدة البيانات وتوزيع الاستمارات على المكلفين، تتضمن معلومات كاملة عن النشاط الاقتصادي، ليدخل القانون حيز التنفيذ بداية كانون الثاني 2018، وفي حال تأخر المكلف في تقديم المعلومات أو في تسديد الضريبة تترتب عليه غرامات مالية.
مقومات فرض الضريبة
ولكون الضريبة تدفع جبرًا من قبل الفرد دون مقابل، وتستخدم الحصيلة النهائية في تحقيق نفع عام في قطاعات مختلفة، كان لا بد من توفير مقومات في “الإدارة الذاتية” لفرض الضرائب وتحصيلها.
الباحث الاقتصادي، زانا عثمان، قال لعنب بلدي إنه يجب على “الإدارة الذاتية” أن تملك المقومات لتفرض الضرائب وهي سيادة الإدارة وإمكانية تطبيق نظام الضريبة على جميع المواطنين والشركات داخل أراضيها، وإمكانية جباية الضريبة من جميع المكلفين بأقل التكاليف، إضافة إلى إمكانية تحديد المكلفين في دفع الضرائب، متسائلًا كيف سيتم فرض ضرائب على شخص يبيع خضارًا على عربة؟
وأكد عثمان أن فرض الضرائب يجب أن يكون ضمن مجموعة قواعد ومبادئ مدروسة، وضمن خطة قابلة للتطبيق، وتستخدم المبالغ المحصّلة من الضرائب في مشاريع تنموية ومشاريع البنى التحتية، والتي تعود بالنفع العام على جميع المواطنين.
الآثار السلبية والإيجابية
وحول الآثار السلبية والإيجابية التي قد يخلفها على المواطنين، قال الباحث الاقتصادي إنه لا يمكن الحديث عن الآثار ما لم يتم تطبيق نظام الضريبة، لكنه أوضح أن إيجابيات القانون تكمن في إعادة توزيع الدخل والثروات بشكل عادل، ومعالجة بعض الظواهر الاجتماعية السيئة المنتشرة في المجتمع مثل الدخان والكحول، عن طريق فرض ضرائب مرتفعة على كل شخص يتاجر بهذه السلع أو يبيعها.
وللقانون إيجابيات أخرى أيضًا تتمثل باستخدام حصيلة الضرائب في مشاريع تنموية تعود بالنفع على المواطنين، ولكن بـ “رأي الصغير والكبير لن يتم استخدامها بهذا الشكل”، بحسب الباحث.
أما الآثار السلبية فتكمن في غضب أغلب المواطنين من فرض هذه الضريبة، لعدم معرفتهم بالأسس التي فرضت من خلالها عليهم، إضافة إلى عزوف الكثير من العاملين عن العمل ضمن مؤسسات “الإدارة الذاتية” والتحول إلى الأعمال الخاصة التي يمكن من خلالها التلاعب والتهرب من الضريبة.
فرض الضريبة يعطي مؤشرات بحسب محللين إلى ترسيخ النظام الفيدرالي التي تسعى الإدارة الذاتية إليه، في حال اتفاق الدول الراعية للقضية السورية إلى ترسيخ نظام مماثل في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة المركزية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :