ثلاثة مؤشرات على دعم السعودية لكرد “روج آفا”

  • 2017/06/25
  • 4:04 ص
ثلاثة مؤشرات على دعم السعودية لكرد "روج آفا"

مقاتلة من "وحدات حماية المرأة" شمال سوريا- 2017 (AFP)

عنب بلدي – عبادة كوجان

لم تتخذ السعودية أي إجراءات عقابية بحق مقيمين كرد، أتراك وسوريين، عندما احتفلوا أواخر العام الفائت بالذكرى 38 لتأسيس حزب “العمال الكردستاني” في المدينة المنورة، رغم حساسية مثل هذه الفعاليات الكردية للدولة التركية، وما يشكّله الحزب “الإرهابي” من تهديد لأمنها القومي كما تقول.

راهنت مراكز البحوث السياسية على أن الرياض وأنقرة قد تلعبان أدوارًا محورية في أزمات الشرق الأوسط، باعتبارهما قطبين رئيسيين في العالم الإسلامي، ولا موانع جوهرية لإنشاء تحالف سنّي مشترك فيما بينهما، لكن اختلاف الرؤى بين البلدين كان أكبر من التقاء المصالح، ولا سيما في قضايا الربيع العربي والعلاقات مع إيران.

ولعبت الأزمة الخليجية الراهنة دورًا في توضيح الكثير من مواقف السعودية تجاه قضايا المنطقة، وبرز حلف عربي جديد تقوده الرياض وأبو ظبي وتشارك فيه مصر والبحرين، للعب أدوار ضاغطة على قطر، الحليف الخليجي الأبرز لتركيا، ما قوبل بتمرير الأتراك قرار نشر قوات عسكرية في الدوحة، في إطار اتفاقية دفاع مشتركة وقعت سابقًا، وهو ما استدعى تحركًا سعوديًا لتقويض الدور التركي من بوابة الكرد.

إعلام الرياض يغازل “قسد”

“الأكراد هبة الله للعرب” بحسب مقال الصحفي السعودي، محمد الساعد، في جريدة “عكاظ” مطلع العام الجاري، فهم يقومون “بدور عظيم في حماية العرب العراقيين والسوريين، من طغيان الخوارج الإرهابيين في شمال العراق وسوريا، ويأخذون على عاتقهم قتال الدواعش وجبهة النصرة، وتحرير المدن والقرى، من إجرام العصابات المتطرفة”.

في هذه الأثناء، ومع تصاعد الخطاب الإعلامي السعودي والإماراتي الموجه ضد قطر وتركيا على حد سواء، أسهم الإعلام السعودي في تسويق رموز وشخصيات سورية كردية، وتحديدًا صالح مسلم، رئيس حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD) الكردي، الذي أعلن إنشاء “الإدارة الذاتية” قبل أعوام، وتتهمه أنقرة بارتباطه بـ “العمال الكردستاني”، ومحاولة إنشاء دولة كردية على الحدود الجنوبية لتركيا.

صحيفة “الرياض” السعودية الرسمية، وفّرت منتصف حزيران الجاري مساحة لحوار مع صالح مسلم، هاجم خلاله قطر وتركيا وإيران والنظام السوري، في تصريحات بدت جديدة، ولا سيما حينما سألته الصحفية عن التحالف “الإيراني- التركي- القطري”، ليجيبها “هذا التحالف قائم، ونحن عانينا ولا زلنا نعاني منه الأمرَّين ونقاومه ونتصدى له إلى الآن”.

وأضاف “هذا التحالف غزانا في عقر دارنا وتسبب في استشهاد الآلاف من فلذة أكبادنا، منذ 2012 وإلى الآن بأدوات تختلف أسماؤها وتلتقي أفعالها، فنحن أكثر من عانى من سياسات الإبادة وإنكار الوجود على أيدي هؤلاء”.

واعتبر مسلم أن الدور التركي- القطري كان سلبيًا في المنطقة، وقال “أولهما منفذ وثانيهما مموّل، يقومان بتسخير أدوات خارجة عن العصر لا تعرف القيم الإنسانية ولا معاييرها، تأتي على الأخضر واليابس وتحاول فرض الظلمات والظلام والظلم على كل بقعة تطالها أيديها”.

ذات الصحيفة كانت قد تحدثت في الثامن من حزيران إلى رئيسة “مجلس سوريا الديمقراطية”، إلهام أحمد، والتي شددت على أن “السعودية بلد شقيق لسوريا، ومهم للمسلمين، ومجلس سوريا الديمقراطية مستعد للتعاون مع الدول الساعية لإنهاء النزاع في سوريا، وفرض الاستقرار، من خلال بناء سوريا ديمقراطية تعددية بعيدة عن كل المشاريع الطائفية والقومية”، منتقدة دور قطر و”الدول الإقليمية المتدخلة بالشأن السوري”، بسبب شقها صفوف المعارضة، الذي أدى إلى “انتشار التطرف والإرهاب في كامل سوريا”.

صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية كانت أجرت حوارًا مع إلهام أحمد في السابع من حزيران، في محاور مشابهة لما جاء في صحيفة “الرياض”، مؤكدة على “دور السعودية الشقيقة الإيجابي”، ومنتقدة الدورين القطري والتركي، وتدخلهما في شؤون المنطقة.

أصابع خليجية في الحسكة

صحيفة “يني شفق” التركية والمقربة من دوائر القرار في أنقرة، نشرت في 14 حزيران تقريرًا تحدثت من خلاله عن تنسيق أمريكي- سعودي- إماراتي، لدعم حزب الـ “PYD” في المناطق التي يوجد فيها في سوريا بعد الانتهاء من محاربة تنظيم “الدولة”.

وأشارت الصحيفة إلى أن اجتماعًا عقد في مدينة الحسكة، 10 حزيران، بحضور ممثلين عن المخابرات الأمريكية والسعودية الإماراتية والمصرية، وممثلين عن الكرد وعشائر عربية تدعمها الإمارات، لـ “تحديد استراتيجية مشتركة لمستقبل النفط السوري”.

بينما تناولت مواقع سورية كردية أن اجتماع الحسكة لا يعدو كونه تتمة لمناقشة محاور ملتقى القاهرة التشاوري، الذي دعا إليه المعارض السوري أحمد الجربا، مطلع أيار الماضي، بهدف “إجراء قراءة نقدية للأزمة السورية”، وشارك فيه شخصيات عربية وكردية معارضة للنظام.

الصحفي السوري المتابع للشأن التركي، سركيس قصارجيان، تحدث لموقع “الجديد” اللبناني، أن السعودية قد ترفع مستوى الدعم الذي تقدمه للكرد بشكل كبير، لاستهداف وتقويض تركيا بشكل مباشر، موضحًا أن “الحصار السعودي لقطر جاء بمثابة صفعة لتركيا التي كانت تعتبر قطر بوابة دخولها إلى العالم العربي”.

بينما اعتبر الصحفي التركي، رامي عبد العال، أن الحديث عن قيام دولة كردية “أمر يؤرق المسؤولين في تركيا”، وإذا ما ثبت أن “هناك توجهًا سعوديًا لدعم الأكراد لقيام دولتهم، فإن هذا الأمر سيؤثر بالتأكيد، وبشكل مباشر، على العلاقات بين البلدين، ويسبب توترًا سياسيًا”، بحسب موقع “عربي 21” القطري.

رجل “المحمّدَين” وحليف الكرد

يحتفظ المعارض العشائري البارز، أحمد الجربا، بقنوات اتصال واسعة مع الرياض وأبو ظبي، فهو ثاني رئيس للائتلاف المعارض بدعم وضغط سعودي ظهر جليًا حين انتخابه، ومؤسس “تيار الغد” المعارض في القاهرة، بدعم وتنسيق مع مندوب أبو ظبي، الاستخباراتي الفلسطيني محمد دحلان.

يملك الجربا، وهو أحد زعماء قبيلة “شمر” العربية، علاقات مميزة مع محمّدَي الخليج، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، ما يؤهله ليكون رجلهما الوفي في الشمال السوري، في المنطقة المتاخمة للحدود مع تركيا، وهي التي أقفلت مكاتب “تياره” في مدنها، في خطوة قيل إنها بمثابة طرد لنشاطات الجربا المناوئة لتركيا، سواء بتحالفه مع الكرد، أو علاقاته المميزة مع مصر والإمارات.

يقود الجربا فصيلًا عسكريًا أسماه “قوات النخبة”، يضم غالبية عربية من عشائر دير الزور والحسكة، ويتلقى دعمًا ماديًا من السعودية والإمارات، ومظلة شرعية عسكرية وفرها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وفق تحالف معلن مع “قوات سوريا الديمقراطية” التي تهيمن عليها “وحدات حماية الشعب” الكردية (الذراع العسكري لـ PYD).

المعارض السوري، عبيدة نحاس، الإخواني السوري في الائتلاف المعارض سابقًا، وحليف الجربا ومؤسس “حركة التجديد الوطني” المدعومة من السعودية، ظهر في اجتماع الرميلان في محافظة الحسكة، إلى جانب معارضين محسوبين بمعظمهم على السعودية والإمارات، في خطوة تشير إلى نية البلدين تعزيز ركائز الدعم لكرد “الإدارة الذاتية” وحلفائها العرب، في خطوة ينظر إليها أنها تهدف بالمقام الأول إلى تقويض الدور التركي في المنطقة.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا