أصدر العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، مرسومًا ملكيًا ينص على تعديل النظام الأساسي للحكم، وإقالة ولي العهد الحالي، وتعيين نجله محمد بن سلمان خلفًا له.
والخطوة “غير مفاجئة”، إذ كانت الأوساط الملكية تتوقع أمرًا مماثلًا بعد صعود الأمير الشاب (31 عامًا)، وتسلمه حقائب مختلفة، رغم وجود من هم أكبر وأكثر خبرةً منه.
وتأتي بعد القمة السعودية- الأمريكية، التي تعتبر عاملًا مسرعًا للقرار الجديد، بعد فترة برود سادت أيام الرئيس السابق، باراك أوباما.
أربع حقائب
وبموجب المرسوم الملكي، الذي صدر فجر اليوم الأربعاء 21 حزيران، عُزل ولي العهد الحالي، محمد بن نايف بن عبد العزيز، الذي يلقبه الغرب بـ “قيصر مكافحة الإرهاب”، لا سيما فيما يتعلق بمكافحة “القاعدة” ما بين 2003 و2006، من مناصبه التي يشغلها، وهي نيابة رئاسة الوزراء، ووزارة الداخلية، وولاية العهد.
وكان بن نايف أقيل من رئاسة هيئة النيابة العامة منذ أيام أيضًا.
وعيّن محمد بن سلمان، ذو الثلاثة عقود، وليًا للعهد، ونائبًا لرئاسة الوزراء، محافظًا على منصب وزير الدفاع، ورئيس المجلس الاقتصادي، للعمل على تطوير خطة من شأنها تخفيف التبعية السعودية للنفط (2030)، في ظل إحداث مشاريع تنموية جديدة.
وبذلك يفرض سيطرته على مفاصل البلاد الرئيسية.
لا ولي لأحفاد المؤسس
كما نص المرسوم الملكي، للمرة الأولى في تاريخ المملكة، على تعديل الفقرة (ب) من المادة الخامسة من النظام الأساسي.
وبالتالي “يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملك وولي للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسس”.
ويعني بذلك هذا التعديل، أن ملك السعودية القادم في حال لم يكن من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز، وكان من أحفاده، فإن ولي عهده يجب أن يكون من فرع آخر من ذرية الملك عبدالعزيز، فيما يعني أن الملك (لو كان من أحفاد الملك عبد العزيز) لا يستطيع تعيين نجله وليًا للعهد.
الملفان السوري واليمني
وتسلم بن سلمان (31 عامًا) منصب وزير الدفاع مسبقًا، مع تقلد أبيه عرش السعودية بـ 2015، وترأس الملف السعودي- اليمني، لمحاربة “الحوثيين”، على مدار عامين.
وفي إطار الحقيبة الدفاعية، التقى بن سلمان، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مرتين لمناقشة الملف السوري، الذي تقف فيه البلدان في اتجاهين متعاكسين، ويدعمان فيه أطرافًا متصارعة، إذ تدعم السعودية قسمًا من المعارضة في وجه النظام، في حين تدعم موسكو الأسد وإيران.
الزيارة الأولى كانت في تاريخ 12 تشرين الأول عام 2015، في مدينة سوشي الروسية، حيث أكد الأمير بن سلمان، بصفته وزير الدفاع والنائب الثاني لرئاسة الوزراء وقتها، حرص السعودية على تحقيق تطلعات الشعب السوري، وموقفها الداعم لحل الأزمة السورية على أساس سلمي وفقًا لمقررات “جنيف 1″.
ويبدو أن موقف بن سلمان، الذي كرّر زيارته لبوتين، في ظل اللقاء السعودي- الأمريكي مطلع حزيران الجاري، لم يتغير كثيرًا إزاء الملف السوري، بيد أن نتائج الاجتماع لم تكن واضحة المعالم.
ورغم إعلان بن سلمان في موسكو عقب اللقاء، وجود نقاط مشتركة بين البلدين و”آلية واضحة” لتجاوز الخلافات، لا سيما موضوع النفط، إلا أن ما يتعلق بالشق السوري، اتخذ “طابعًا مبدئيًا”، وفق ما أوردت “روسيا اليوم”.
تسوية سورية بقلم سعودي
ويرى الكاتب والأستاذ في قسم العلوم السياسية في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، غيورغ ميرزايان، في مقال له نشرته وكالة “نوفوستي”، عقب الزيارة، أنه من المعروف أن “موسكو تؤيد إيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية بمشاركة كافة القوى الداخلية والخارجية على أساس الواقع الموجود على الأرض، أي على أساس النجاحات العسكرية والسياسية لدمشق”.
إلا أن السعودية “توافق فقط على تسوية الأزمة بشرط استبعاد إيران ورحيل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ولكن هذه المعادلة غير قابلة للتطبيق حاليًا، ما يدفع آل سعود لإطالة الحرب الأهلية فيها، من خلال المماطلة في مفاوضات جنيف وتمويل المعارضة المسلحة التي تحارب (الأسد)، وبينهم أعضاء جماعات إسلامية متشددة”.
إيران وقطر
ويبدو موقف بن سلمان صارمًا من إيران، ومحاولته لزيادة سيطرتها ونفوذها في الشرق الأوسط، إذ تعرض لانتقادات كثيرة، لاستبعاد أي حوار معها، مؤطرًا التوترات بين البلدين في سياق اتهامات إيران بالطائفية.
فقال إن إيران “تهدف للسيطرة على العالم الإسلامي ونشر مذهبها الشيعي”، وأقسم على نقل “المعركة” إلى داخل طهران.
وفي ذات الإطار، كان لابن سلمان دورٌ كبيرٌ في الأزمة السعودية- القطرية، على أساس أن الثانية “تدعم الإرهاب، وتميل إلى إيران”، الأمر الذي بدا فيه سلفه بن نايف غير مؤيد لفكرة المقاطعة مع الدوحة.
وكانت دول عربية في مقدمتها السعودية، والإمارات والبحرين ومصر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وأغلقت بوجهها سبل المواصلات البرية والجوية والبحرية، وطبقت حزمة عقوبات اقتصادية أيضًا.