ظلم ذوي القربى
عنب بلدي – العدد 106 – الأحد 02/3/2014
في الذكرى الثالثة لاعتقال أطفال درعا وتعذيبهم إثر عبارات الحرية، تصل الثورة السورية منهكةً إلى مفترق طرق ضبابية المشهد، لتصبح الصورة انتقالًا من ظلم الأسد إلى ظلم ذوي القربى. اليوم وفي ظل غياب القانون الرادع والقضاء العادل تنقلب المعادلة، ليخمد صوت الحق وينسحب، أمام طعنات من الخلف ينفذها متسلقون انتهازيون، ويتقدم الباطل مدّعيًا تمثيل الحق ومستغلًا دعوات درء الفتنة وحقن الدماء.
داريا التي قدمت أنموذجًا للعمل المنظم على مدار الثورة، تضطر اليوم إلى الدفع بأحد أبنائها المعروفين بصدقهم وأمانتهم إلى الاستقالة سدًا لذرائع الباطل في الرضوخ إلى الحق، بينما يستمر المطلوبون للعدالة بتقديم أعذارٍ لا منطقية، ويتعدّون ذلك إلى تشكيل لواء من الخارجين عن القانون.
معركة الحق والباطل هذه ليست وليدة اليوم، بل تعود جذورها إلى أكثر من سنتين، حين برز الصراع الفكري بين دعاة الدولة المدنية الفعلية، ودعاة الدولة الدينية الشكلية، بتغذية من أناس لا يستطيعون التفريق بين العلمانية والإخوان المسلمين! والمشكلة إذ تتجلى الآن في صور رموز كلا التيارين، إلا أن عمقها هو في الوعاء الشعبي الذي احتضن الدعوات الشاذة والشعارات الفارغة وخلق الأعذار والمبررات لها، حتى أصبح كل من رفع شعار لا إله إلا الله محقًا ولو كان على باطل، وكل من نادى بأفكار الدولة والمجتمع المدني باطلًا ولو كان على حق.
المشهد ذاته يتكرر في عموم سوريا لكن بصورة أبشع، حيث يقوم تنظيمٌ يواجه كل القوى الثورية على الأرض، بتطبيق الحدود وقطع الأيدي وجلد الظهور، مدعيًا إحقاق الحق وتطبيق العدالة، ويغدو سارق السرّ أمينًا، وقاضيًا على سارق العلن.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :