محمد صافي – حماة
انتشرت في مدينة حماة مؤخرًا ظاهرة مصادرة سيارات الأهالي وأخذها بقوة السلاح من قبل حواجز النظام المنتشرة داخل المدينة، وبالأخص في ظل اشتداد المعارك في ريف حماة الشمالي وإرسال الأرتال العسكرية والتعزيزات يوميًا إلى مناطق القتال وتجمعات قوات النظام المحاصرة.
«استعارة ساعتين وتعا خدها» يقول عناصر النظام لأصحاب السيارات عند مرورهم من الحواجز بحسب أبو أحمد، أحد المتضررين، ويضيف شارحًا لعنب بلدي عنما حصل معه: بعد 5 ساعات من أخذهم للسيارة عدت للحاجز لأستردها فقالوا لي «خرج الملازم أبو حيدر في إجازة لبلدته في ريف حماة»، لأعود بعد يومين فأرى السيارة معطوبة ومكسرة ويطالبني الضابط بثمن البنزين الذي شحن فيه السيارة بحسب قوله، والسيارة خالية من البنزين.
حال أبو أحمد كحال الكثيرين في حماة، وهذا ما جعل الأهالي يستبدلون سياراتهم بنوعيات قديمة تقضي حوائجهم ولا تغري عناصر النظام على الحواجز لمصادرتها.
أصحاب سيارات «البيك آب» كان لهم تعامل خاص على حواجز النظام، حيث صودرت العشرات من سياراتهم بحسب أبو الفاروق الحموي، أحد الناشطين في المجال الإغاثي في حماة، وذلك لاستخدامها في نقل قوات النظام إلى ريف حماة الشمالي أو لنقل الذخائر إلى الحواجز والنقط العسكرية المحاصرة، علمًا أن مطار حماة العسكري نقطة إمداد لحواجز النظام في المنطقة الوسطى والشمال السوري. «أبو خالد» أحد عناصر الجيش الحر في الريف الشمالي يتحدث لعنب بلدي: لاحظنا في الأرتال التي أرسلها مطار حماة مؤخرًا لاستعادة الأوتوستراد الدولي وتل الناصرية وجود السيارات المدنية وبكثرة، إذ رصدنا وجود أكثر من 90 سيارة مدنية ضمن الأرتال الخمسة عشر التي تصدينا لها الشهر الماضي.
سلمى محمد، ناشطة إعلامية في مدينة حماة، تتحدث لعنب بلدي عن مشاهدتها: رجل عجوز يعمل على سيارة سوزوكي وهو ينقل حمل من الفلين (نوع من صناديق الخضار) أوقفه حاجز المكننة الزراعية في مدخل حماة الشرقي وطلب منه ضابط الحاجز إفراغ الحمولة ليتأكد من عدم وجود المتفجرات، لم يستجب الضابط لتوسل العجوز، وأشعل أحد صناديق الفلين بسيجارته لتشتعل الحمولة والسيارة وما بداخلها خلال دقائق، ثم لينهال عناصر الحاجز على العجوز بالضرب المبرح لأن صرخ في وجههم.
تتكرر المواقف يوميًا وتتزايد الظاهرة، حتى سيارات الشحن لم توفرها قوات النظام، إذ سُجّل مصادرة عشرات الشاحنات (قاطرة مقطورة) بحسب تأكيد الناشطة الإعلامية يمان الحموي لعنب بلدي «وثقنا عشرات الحالات لمصادرة الشاحنات تحت شعار (استعارة لخدمة الجيش حامي الوطن) ولم تكن الشاحنة بمفردها بل مع صاحبها، إذ يطلبون منه قيادة الشاحنة بعد تحميلها بالذخائر والمواد الغذائية باتجاه الحاجز أو النقطة العسكرية تحت التهديد بعائلة صاحب الشاحنة، وقد تكررت هذه الحالات كثيرًا وبعض أصحاب الشاحنات اعتقلوا في مطار حماة ولم يعرف عنهم شيء منذ أشهر».
استهداف النظام المتكرر للسيارات دفع الأغنياء وأصحاب شركات النقل في مدينة حماة لتخصيص رواتب لحواجز النظام، وذلك ليضمنوا سلامة سياراتهم وأعمالهم، بينما توقفت أعمال الكثيرين من أفراد الطبقة الفقيرة في المدينة ومنهم من اضطر لبيع سيارته أو إيقافها في الكراج والبحث عن مصدر رزق آخر في مدينة أنهكتها القبضة الأمنية لقوات الأسد، بحسب أهلها.