عنب بلدي – خاص
اختلطت الأحاديث والنقاشات وصرخات الأطفال، في أحد أحياء مدينة دوما في الغوطة الشرقية، على مائدة الإفطار الجماعي، في مشهدٍ لم يألفه الأهالي على مدار السنوات الماضية.
وسط مدينة دوما، وزّعت كوادر مؤسسة “عدالة” للإغاثة والتنمية، طاولات الإفطار التي وصفها الشاب كاسم قاروط بأنه “منظر يشرح القلب ويذكرني بولائم الزواج قبل عام 2011، من حيث الخدمة والاهتمام”.
بدأت مؤسسة “عدالة” عملها عام 2012، ولها مكتبان في الغوطة الشرقية وبلدة الريحانية في تركيا، وتُعنى بالمشاريع الإغاثية والتنموية، في الزراعة والثروة الحيوانية، ومشاريع الدعم النفسي والطبي. |
ويقول قاروط لعنب بلدي، بعد حضوره الإفطار الجماعي الأول من نوعه، الخميس 15 حزيران، إن “الجَمعة” أعادت له ذكريات قديمة، ويوافقه سمير محمود الذي حضر الإفطار مع أطفاله “استمتعنا بالجو الفريد الذي لم نره منذ سنوات، وخاصة مع اشتداد الحصار على الغوطة”.
يتحدث محمود عن جوٍ من الألفة بين الصائمين، مقارنًا الجلوس على الطاولات، بالوقوف في طوابير المؤسسات الإغاثية للحصول على طبق الإفطار، “فحتى بعدما نقف على الطابور يمكن أن نأخذ نصيبنا أو ربما نحرم منه”.
لم تكن الإفطارات الجماعية دارجةً في شوارع الغوطة، فاقتصرت على المساجد في وقت سابق، ويقول مؤيد محيي الدين، مدير العلاقات العامة في مؤسسة “عدالة”، إن التقليد الذي كان متبعًا “يستفيد منه رواد المساجد القلائل ونفس الأشخاص”.
نقل الإفطار إلى الشوارع جاء لعدة أسباب، يوضح محيي الدين أبرزها كـ “استهداف شرائح أخرى وأكثر شمولية، وللحفاظ على الروابط الاجتماعية بين الأهالي”، مردفًا “الإفطار في حي معين يجمع الفقير والطبقة المتوسطة معًا، ويجلب جوًا من التشاركية”.
مشهد الصائمين في الشوارع يسر الناظرين، وفق مدير العلاقات، “وهو أفضل من جلوس الشخص في قبو أمام وجبته المغلفة، خوفًا من القصف”، ويوضح أن عدد المستفيدين تضاعف، “عادة نوزع طعامًا في المساجد لحوالي 250 و300 صائم، بينما حضر في الشارع قرابة 600 صائم”.
يطبخ سبعة أشخاصٍ حوالي 1800 كيلوغرام من الطعام، الذي يتنوع بين الأرز والبازلاء واللحوم والمقبلات والعصائر، التي لم تكن تُوزّع سابقًا مع وجبات الإفطار، ويوزع عشرة أشخاص بإشراف 15 لوجستيًا الطعام على الصائمين.
وفق رؤية المؤسسة فإن الإفطار في الشوارع، يضمن حصول كامل الأشخاص على الطعام، في حين يُبدي مدير علاقات “عدالة” استعداد المؤسسة للتعاون مع مندوبي وأمناء الحي في رعاية إفطارات وولائم مستمرة.
رغم ضيق المكان بعد حضور المئات من أهالي دوما، إلا أن من لم يستطع الجلوس حصل على وجبته الخاصة، ويتمنى قاروط ومحمود أن “تحذو مؤسسات أخرى بنفس الخطوة، فهذه الأجواء تزرع المحبة وتردم الهوة والفجوة بينها وبين الفقراء”.