الإدارة الذاتية تفرض “هيمنتها” على التعليم بإغلاق المعاهد الخاصة
عنب بلدي – القامشلي
تفرض مؤسسات “الإدارة الذاتية” قيودًا لضبط العملية التعليمية في المنطقة الشمالية الشرقية الخاضعة لها تحت جناحها، فقد أصدرت في الأيام القليلة الماضية قرارًا نصّ على إغلاق جميع المعاهد الدراسية الخاصة لكافة المراحل التعليمية في مدينة الحسكة وريفها، كخطوة لفرض “الهيمنة” على مفاصل العملية التعليمية، سواء من حيث المدارس التي تديرها، أو المناهج الدراسية التي قالت إنها ستطرحها العام الدراسي 2017- 2018.
وجاء في التعميم: “بناءً على قرار هيئة التربية والتعليم في مقاطعة الجزيرة القاضي بإغلاق كافة المعاهد الخاصة، وحظر الدروس المأجورة في المنازل، يبلّغ جميع المعلمين والمعلمات وأصحاب المعاهد بضرورة الالتزام، ومراقبة تنفيذه، على أن ترفع دعوى أمام النيابة في حال أي مخالفة”.
وقالت الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم، سميرة حاج علي، في تصريحات صحفية إن “هذا القرار أصدر في الأول من حزيران ليدخل حيز التنفيذ، وتغلق كل الدورات في أي مكان، وقد يستغرق الأمر عدة أيام حتى تغلق جميعها”.
“الإدارة الذاتية” تبرّر
الرئيس المشترك لهيئة التربية والتعليم في مقاطعه الجزيرة، محمد صالح عبدو قال إن “مدارس منطقة الجزيرة السورية دٌمرت منذ أكثر من سبع سنوات، سواء من حيث النظام أو التدريس أو دوام المعلمين، الأمر الذي جعل من المعاهد الخاصة جهة رئيسية يُعتمد عليها في التعليم”.
وأوضح المسؤول، في حديث إلى عنب بلدي، أن “الدروس الخصوصية غدت السائدة، وتحول التعليم إلى تجارة رائجة يستثمرها العديد من المعلمين الذين اتخذوا من منازلهم مكانًا للتعليم، الأمر الذي دفع الإدارة الذاتية لهذا القرار”.
“هيئة التربية والتعليم رأت أن تعيد العملية التربوية والتعليمية إلى أساسها الصحيح، كي تسير على أقدامها وليس على رأسها كما كان سائدًا”، بحسب صالح، الذي أشار إلى أن الهيئة ستعطي بعض الدروس الخصوصية التي يحتاجها الطلبة في الفترة المقبلة على نفقتها ودون أي مقابل”.
ومع تقاسم السلطة في محافظة الحسكة، وبينما يسعى كل طرف لفرض قوانينه الخاصة على المواطنين في مختلف المجالات، يرفض بعض طلاب المحافظة التسجيل في المدارس التي تديرها هيئة التربية التابعة لـ “الإدارة الذاتية” بعد فرضها مناهج جديدة على الطلاب خلال العام الدراسي الماضي.
وخلافًا لما سبق فقد خلق فرض المناهج حينها مشكلة لدى الكثير من طلاب الحسكة، فبعضهم توجه نحو المدارس الخاصة، وآخرون فضلوا إبقاء أبنائهم دون تعليم.
مناهج “كردية” جديدة
إلى ذلك قالت المسؤولة في الهيئة حاج علي إن الإدارة الذاتية ستضع بديلًا عن مراكز الدورات الخاصة، مشيرةً إلى أنه “في عام 2017- 2018 ستخضع كل المدراس لإدارة هيئة التربية والتعليم في مقاطعة الجزيرة”.
وأوضحت أنه “بالنسبة للمعاهد أو الدورات الخاصة التي سنغلقها فهي دورات البكالوريا، والسبب لأن العام المقبل سيصبح المنهاج باللغة الكردية حتى التاسع وبمنهاج الإدارة الذاتية”.
وأكد صالح ما ذكرته حاج علي، وأشار إلى أن “نوعية المناهج ستكون كما كانت عليه في مرحلة البكالوريا سابقًا”، لافتًا إلى أن الهيئة لديها “خطة دراسية متكاملة، إذ سيتم إدخال مناهج التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية، إلى جانب إدارة المدارس الثانوية بشكل كامل”.
ودعا “جميع المعلمين إلى تفهّم هذا الواقع، كونه الأسلم، وسيعيد التعليم إلى أساسه الصحيح”.
وبالانتقال إلى المعاهد الخاصة، حاولت عنب بلدي التواصل مع القائمين عليها، إلا أنهم رفضوا الحديث عن القرار بشكل نهائي، وقالوا إنهم يحاولون التواصل مع الإدارة من جديد علّها تتراجع عن القرار.
خطوة استباقية
رغم شح مدارس “الإدارة الذاتية” من الطلاب، إلا أنها مستمرة بتدريب مدرّسين لتدريس المناهج الخاصة بها، ووفق مصادر مقربة من “الإدارة” فإنها عملت في أواخر 2016 الماضي على تدريب 600 شخص للتدريس في مدارسها.
وفي حديث سابق مع أحد المتدربين (رفض كشف اسمه)، أوضح أنه يتلقى تدريبات مع زملائه في مدينة الرميلان على المنهاج الذي طرحته “الإدارة”، مشيرًا إلى أن كل متدرب سيحصل على شهادة تخوله التدريس في كافة المدارس التي تخضع لإدارة هيئة التعليم.
وما يثير مخاوف الأهالي أن أغلب المتدربين لا يملكون شهادات علمية تخولهم حضور الدورات، ويحمل معظمهم شهادات إعدادية وثانوية، وفق مشاهدات سكان الحسكة وريفها.
وقال باسم مشكيني، مواطن من ريف الحسكة، إن شخصين من القرية التي يسكنها التحقا بالدورة التدريبية في الرميلان، مؤكدًا “أعرف الشخصين حق المعرفة ولم يكملا تعليمهما سوى إلى الصف السادس الابتدائي”، وتساءل “ماذا سيقدم هؤلاء تعليميًا للطلاب؟”، واصفًا ما يجري بأنه “إجحاف بحق الطالب وذويه”.
وفي سياق الانتقادات التي طالت القرار انتقد الأكاديمي الكردي، فريد سعدون الإدارة الذاتية، معتبرًا أن قرار هيئة التربية بإغلاق المعاهد جاء لينهي أي أمل للطلاب بمتابعة تحصيلهم العلمي.
وقال في منشور له عبر “فيس بوك”، “يحق لك أن تعلم أبناءك في مراكز تعليمية وتدريبية خاصة وأن ترسلهم لجامعات خاصة ما دمت قادرًا على تحمل التكاليف، والمدارس والجامعات العامة تقوم بمهامها ووظيفتها على أكمل وجه”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :