الثلج أســــود !!
عنب بلدي – العدد 106 – الأحد 2/3/2014
الثلج أسود! نعم قد يصادف أن يقول لك أحدهم أن الثلج أسود بل ويصر على ذلك لدرجة تجعلك تشك أنك مصاب بعمى الألوان وأنه فعلًا أسود. هؤلاء كثيرون في حياتنا وهم في حقيقة الأمر ليسوا مصابين بعمى الألوان، وإنما بعمى الحقيقة، والأصح أن نقول: التعامي عن الحقيقة.
حيث أنهم في قرارة أنفسهم موقنون بالحقيقة، ولكن خوفهم، وضعف شخصياتهم الجوفاء، يدفعهم للكذب وتصديق الكذبة والعيش فيها من أجل إرضاء مسؤول في العمل أو طيف سياسي.
عالمنا اليوم يعاني بشدة من الفقر الحقائقي المدقع، والثراء النفاقي الفاحش.. فيسد آذانه عن صرخات اليتامى والأرامل والجياع بموسيقى باخ وبيتهوفن، ويعلق فوق أشلاء القتلى وأوجاع المشردين لوحة لحياة وردية.. والمصيبة أنه يعيشها فعلًا.
اليوم يتحالف الزمن وهؤلاء «الفارغين» على طمس الحقيقة وإسكات كل من ينطق بها للأبد، ويبدأ الأمر منذ السنوات الأولى في تربية الطفل، فيكذب والداه لجعله يتوقف عن البكاء، ثم يتعلم في المدارس التملق والكذب والنفاق من أجل التملص من عقاب الأستاذ ونيل رضاه، والهروب من مواجهة أخطائه وتقصيره، فينمو هذا الزيف اللزج في شخصيته ويرافقه الخوف من المجاهرة بالحقيقة، بل يصل الأمر إلى اعتبارها جرمًا يجب اجتثاثه من المجتمع ودفنه حيًا.
يا لرعب العصر القادم.. سيكون عصرًا مقنّعًا قاتمًا تلفه ظلمات الباطل والبهتان.. وقد يصبح فيه قول الحقيقة مرضًا عضالًا يجدّون في البحث له عن دواء شاف.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :