أندونيسيات في السجون السورية
عنب بلدي – العدد 106 – الأحد 2/3/2014
«تم تحويلنا من أحد الأفرع الأمنية السورية، إلى القصر العدلي لتحديد موعد الجلسة القضائية، وصادف يومها أن انتهى الدوام الإداري قبل أن يتم عرضنا على القاضي، فتم نقلنا من نظارة القصر العدلي إلى مكان آخر، لنقضي الليلة هناك، إيداع لليوم التالي» وتتابع المعتقلة السابقة (س) حديثها «عند خروجنا من القصر العدلي في شارع الثورة، ركبنا الباص وعناصر الأمن يملؤون المكان، والكل مدجج بسلاحه، وخرج مجموعة منهم معنا في الباص، وسيارة تتقدمنا، وأخرى تسير خلفنا، وعندما اقترب الباص من ساحة الأمويين ثم الجمارك، كادت أنفاسنا تتوقف، فقد جزمنا بأنه تم تحويلنا إلى الفرع 215، وها هو الباص يمر من شارع الأفرع –كما يسمونه- ويتابع مسيره، ونحن ننظر بدهشة، وكل واحدة ترسم في مخيلتها صورة عن المكان الجديد الذي نتجه إليه، حتى استقر المقام بنا أمام مخفر شرطة كفرسوسة، قام الضابط المسؤول بتسليمنا مع قائمة بأسمائنا إلى رئيس المخفر، وأخذوا تفقدًا لنا، وأدخلونا إلى الزنزانة».
تتابع «س» سرد لحظات انتقالها إلى زنزانة المخفر: طلبنا منهم أن يسمحوا لنا باتصال هاتفي مع أهالينا، ولكنهم رفضوا وبشدة، وأخبرونا أن نكتب قائمة بما نحتاجه من طعام أو شراب وحاجيات أساسية، وندفع ثمنها، ليرسلوا بشرائها لنا، ريثما تصل وجبة الغداء إلى السجينات، ونحن ما زلنا نقف في ممر الزنزانات، لا ندري كم سنمكث هنا، ولا ما سيُفعل بنا، أنهى رئيس المخفر كلامه وتعليماته، ثم اقتادونا إلى زنزانتنا»… «فتح باب الزنزانة، ونادى: أوزاروه.. تعي فوتي الصبايا لجوا وافسحولهم مكان يقعدوا فيه، وما بدي مشاكل ها، وكانت الصدمة لنا، (أوزاروه) بنت أندونيسية، ولم تكن لوحدها في الزنزانة، عندما رحبت بنا، وطبعا لم نفهم ولا كلمة من كلامها. وقفت بعض رفيقاتنا تستقبلنا وتفسح لنا مكانًا لنجلس، والصدمة الأكبر كانت عندما استيقظن جميعهن، اعتقدنا أن النائمات كن بضع فتيات، لكن إذا بهن أكثر من خمسين معتقلة كن نائمات بشكل متقابل (رأس ورجل)، لكن حجم أجسادهن الصغير جعل المكان المحجوز صغيرًا. جلسنا نحن في طرف، وهن في الطرف المقابل، وكانت رؤوسًا جديدة ترتفع كل قليل ونرى وجهًا جديدًا، لم نكن قادرات على تمييزهن من بعضهن من شدة التشابه، وبعد طول محاولة وجدنا إحداهن تتكلم بعض العربية، وسألناها عن سبب وجودهن، فقالت أن عقدهن مع مكتب استقدام الخادمات قد انتهى، ولم يتبق معهن نقودًا يسددنها للعودة إلى بلادهن، ولم يسمح بترحيلهن قبل الدفع، كما أن أخريات رفعت عليهن دعاوى قضائية بتهمة السرقة من قبل السيدات اللاتي كن يعملن لديهن.
صار وقت النوم ونحن نتفرج عليهن كيف ينمن كلهن في مكان لا يتسع لأكثر من خمسة أشخاص، وكنا نستيقظ طوال الليل لنتساءل «هي إيد مين منهم يا ترى، وهي رجل مين، وهدول شعرات مين، وووو».
انتهت مدة لقائنا بهن بعد ليلة من دخولنا، إذ جاء أحد العناصر وأخبرنا أن نجهز أنفسنا، وأنه سيتم تحويلنا مرة أخرى إلى القصر العدلي ليتم استجوابنا مرة أخرى، وبقيت إشارات الاستفهام موجودة، لماذا الأندونيسيات داخل السجون السورية، ولماذا لا يتم ترحيلهن إلا بلادهن ولو على نفقة الدولة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :