منطقة آمنة في الجنوب أم جوار إيراني للأردن؟
الأسد يتجاوز مباحثات عمّان بالتقدم نحو درعا
عنب بلدي- خاص
تجاوزت قوات الأسد والميليشيات الأجنبية التابعة ضمنًا لـ “الحرس الثوري” الإيراني، المساعي الدبلوماسية لإنشاء منطقة “آمنة” جنوب سوريا، بهجوم عسكري هو الأكبر من نوعه على مدينة درعا، منذ مطلع الثورة السورية.
منطقة “آمنة” في الجنوب
وقال مسؤولون أمريكيون إن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تجري محادثات سرية مع روسيا في الأردن حول منطقة “تخفيف التوتر” في جنوب سوريا.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن المسؤولين، المطلعين على سير المحادثات، السبت 10 حزيران، أن جلستين عقدتا حتى الآن بين الروس والأمريكان في الأردن، تناولتا مناقشة إنشاء مناطق لـ “تخفيف التوتر” في جنوب غرب سوريا.
وأكدت الصحيفة أن آخر اجتماع كان قبل أسبوعين تقريبًا، بمشاركة مسؤولين أردنيين، وكان من المقرر عقد جولة ثالثة هذه الأسبوع لكنها تأجلت لأسباب فنية، مشيرة إلى أن الاتصالات بين الطرفين بدأت عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، إلى موسكو في نيسان الماضي.
وكان مسؤول غربي أكد لصحيفة “الشرق الأوسط”، الشهر الماضي، الأنباء عن تفاهم أمريكي روسي حول إقامة منطقة آمنة في جنوب سوريا.
وقال المسؤول إن “درعا قد تكون المنطقة الأنسب لبدء تنفيذ تفاهم بين واشنطن وموسكو لتخفيف التصعيد، عبر وقف القصف على ريف درعا قرب حدود الأردن، والسماح بمجالس محلية ومساعدات إنسانية، باعتبار أن هذه المنطقة ليست تحت نفوذ إيران”.
إيران والمطامع في درعا
رغم أنه بات من المسلّمات رفض إسرائيل والأردن لأي وجود إيراني في الجنوب السوري، إلا أن ذلك لم يمنع قوات الأسد والميليشيات الأجنبية بإرسال الأرتال نحو درعا ابتداءً من أواخر أيار الماضي، شملت قوات من “الفرقة الرابعة” في قوات الأسد، ونحو 250 مقاتلًا من “حزب الله” اللبناني التابع بشكل أو بآخر لـ “الحرس الثوري” الإيراني.
وتقضي المعركة التي بدأت أولى شراراتها في الأيام الماضية بطرد المعارضة من مدينة درعا، والسيطرة بالتالي على المعبر القديم مع الأردن، وفصل الريف الشرقي لدرعا عن الريف الغربي، وإضعاف فصائل المعارضة في الجنوب.
لكن الأردن نفسها قد تكون متورطة في هذه العملية، من خلال مؤشرات أبرزها قطع الدعم عن فصائل “الجبهة الجنوبية” منذ آذار الماضي، وتصريحات سابقة لرئيس استخباراتها لا يخفي رغبته بإشراف النظام مجددًا على المعابر الحدودية المغلقة في درعا.
ونقلت صحيفة “القدس العربي” عن مصدر لم تسمّه في “الجبهة الجنوبية” قوله إن “الجانب الأردني منح قوات النظام السوري الفرصة الأخيرة للسيطرة على جمرك درعا القديم القريب من حي المنشية في درعا البلد، وذلك بهدف إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية بين الجانبين، وإنهاء ملف المعارضة السورية على الحدود السورية الأردنية لصالح قوات النظام”.
ورأى المصدر أن فشل قوات الأسد والميليشيات الرديفة في حسم المعركة خلال أسبوع، سيجعل الأردن تغير من سياستها تجاه النظام السوري، مع ارتفاع وتيرة الحديث عن قرار دولي للتحالف يقضي في إنهاء ملف حوض اليرموك، الخاضع لـ “جيش خالد بن الوليد” المتهم بمبايعة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
الأردن تحت الامتحان
ويبدو أن العملية العسكرية لقوات الأسد والميليشيات الرديفة، التي تحظى بقبول وإشراف روسي، تهدف إلى عرقلة مشروع المنطقة “الآمنة” في الجنوب، وهي خطوة تلقى رفضًا من النظام في دمشق وإيران على حد سواء، ما دفعهما إلى محاولة فرض واقع عسكري جديد.
تواجه الأردن امتحانًا وتحديًا كبيرًا من خلال العملية العسكرية، تفرز ثلاث نتائج “خطيرة” على مستوى الأمن الوطني الأردني، بحسب رأي الكاتب في صحيفة “الغد” الأردني، محمد أبو رمّان، وقال إن “القصف والهجوم يؤديان إلى هجرة أعداد كبيرة من اللاجئين باتجاه الحدود الأردنية، ما يعني ضغوطًا إنسانية ودولية جديدة”.
والنتيجة الثانية هي اقتراب قوات الأسد والميليشيات من الحدود الأردنية، و”اضطرار الجيش الحر في معركة الكرّ والفر إلى الدخول لمناطقنا، وهو ما قد يؤدي إلى احتكاكات وربما مواجهات على أكثر من صعيد”.
والثالثة أنّ “انهيار الجيش الحر أو سقوط تلك المناطق، سيدفع بأفراد الفصائل المسلحة القريبة من الأردن، وهم بالآلاف إلى أحضان داعش أو جبهة النصرة، وبالتالي يصبح الخطر مزدوجًا على حدودنا، أي الحرس الثوري الإيراني وحزب الله أو داعش (الذي يسيطر على قرى حوض اليرموك) وعودة جبهة النصرة إلى درعا، بعد أن كانت قد نقلت أغلب مقاتليها إلى محافظة إدلب”.
ولخّص الكاتب الأردني خيارات عمّان وواشنطن بأنه “سيتم الاكتفاء بدعم الجيش الحرّ، كما حدث سابقًا، وربما تقوم الولايات المتحدة وبريطانيا بتزويده بسلاح نوعي لمواجهة هذا الهجوم الشديد، لكن في حال فشلت تلك الفصائل وتقدّمت القوات السورية (النظام)، فإنّ الامتحان سيصبح أكثر صعوبة، بخاصة أن القراءة الأردنية تتحدث اليوم عن ميليشيات وليس عن (الجيش السوري)، الذي أصبح عدده الحقيقي قرابة 40 ألفًا”.
وانتهى الكاتب بقوله “كان الأردن قد أعلن بوضوح أنّه لن يقبل بوجود ميليشيات موالية لإيران على الجانب الآخر من الحدود. حماية مشروع المنطقة الآمنة والقلق من سيناريوهات درعا وتأثيرها على الأمن الوطني الأردني هذه أسئلة مهمة ورئيسية أمام الأردن في الأيام القادمة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :