عنب بلدي – العدد 105 – الأحد 23/2/2014
«الناس أصبحوا وحوشًا لندرة الطعام، نأكل القطط والأعشاب، الواحد منّا أصبح مستعدًا لقتال أخيه من أجل لقمة صغيرة» يقول أبو بدر؛ ناشط إعلاميّ في حمص القديمة.
منذ سنة وثمانية شهور ضرب النظام السوري حصارًا خانقًا حول المناطق التي يسيطر عليها الثوار في مدينة حمص. وبدأت بعدها سلسلة سقوط الأحياء من يد الثوار، بدءًا من باباعمرو وانتهاءً بالخالديّة، فكان نهج الجيش السوري؛ الحصار ثم القصف والتدمير فاستعادة السيطرة.
لكن النظام يتجه اليوم للتعامل مع «حمص القديمة» بطريقة الهدن والمصالحة، التي نجحت معه واستعاد بها ما عجزت عنه آلته العسكرية في برزة والمعضمية وببيلا، مستفيدًا من الحصار المضروب حول المدينة القديمة، فلا طعام ولا دواء يدخل إلى المدنيين والثوار المحاصرين، في أحياء تكثر فيها الكنائس القديمة، كأم الزنار والأربعين شهيد، واللتين أُصبيتا بأضرار بالغة جراء قصف الجيش السوري.
- جوع واستسلام
بعد انطلاق مفاوضات «جنيف 2» بأيام قليلة اتفقت القوات الحكومية مع الثوار على وقف لإطلاق النار وإخراج المدنيين (أطفال ونساء وكبار السن) من المدينة المحاصرة برعاية الأمم المتحدة، خرج بالإضافة إليهم 300 شاب أغلبهم من حملة السلاح وكاميرات التصوير.
«عاديّ جدًا ألا يدخل جوفك لقمة صغيرة لعدّة أيام لتصبح بعدها شبه مجنون، وهو ما جعل أغلب الشباب يتجهون لتسليم أسلحتهم والاستسلام للنظام مع أملهم بتسوية أوضاعهم»، هكذا يصفهم الناشط الإعلامي أبو بدر في حديثه لعنب بلدي. هؤلاء الشباب لا يزالون محتجزين حتى اليوم في مدرسة الأندلس وسط مدينة حمص، ويبقى معهم لجان الأمم المتحدة خوفًا من تصفية أو تعذيب يتعرضون له من قبل قوات النظام.
- تخبط وفساد
لا شيء تطورات حقيقية جرت في الأشهر الماضية في مدينة حمص، لا جبهات مشتعلة ولا حواجز تُحرّر، وكأن الثوار في إجازة مفتوحة أمام قصف النظام للمدينة، بينما استمر قتل الناس يوميًا بقذائف هنا وهناك.
«المجلس العسكري بكل من فيه مسؤول عن حصار حمص وانتشار الفساد بها» هكذا يعلل أبو بدر ما يحدث في حمص المحاصرة. ويضيف، «كل واحد عمل كتيبة، وخدعوا الشباب إما باسم الإسلام أو باسم الثورة، وجلسوا يأخذون الدعم من الخارج، يكنزون الأموال ويحتكرون الطعام الشحيح الذي يدخل، كما أنّهم سرقوا ونهبوا بيوت المدنيين ومحلاتهم التجاريّة وخزنّوا البضاعة وكل شيء ثمين، ببساطة نصبوا أنفسهم أمراء علينا».
يؤكد ذلك عاصم، وهو أحد ثوار حمص فيقول: «دخلت شحنة طعام من الأمم المتحدة بعد خروج المدنيين، ولكن لم أحصل على بسكوتة واحدة، كل شيء سرق، سرقتها بعض الكتائب واحتسبت كل الطعام لها ولم توزعه أبدًا» ويضيف بتوتر «كنت أضرب رأسي بالحائط لشدّة جوعي، لا تعلم مقدار الظلم الذي نعيشه هنا، وكأن النظام يحكمنا، هم يتعاملون معه أصلًا، وأبسط مثال على ذلك هو تهريب الدخان، فلا ينقطع هنا أبدًا».
يتوقع ناشطون أن شباب حمص وثوارها المخلصين قد يضطرون لإبرام اتفاق مع النظام من نوع جديد، وهو أن يخرجوا من المدينة سالمين دون أن تكون بينهم أي مصالحة، فهم يرفضون الهدنة المقترحة من النظام، والتي تجعل كل من في الحصار تحت راية اللجان الشعبية التابعة للجيش السوري. هذا ما عبر عنه أبو بدر في نهاية كلامه بكل أمل.