
Image Source: Canva
Image Source: Canva
د. أكرم خولاني
قد يلاحظ الأهل أن ابنهم يتفادى تحريك مفصل معيّن، أو أنه فقد القدرة على القيام بحركات معينة، وعندها يجب أن يسارعوا بعرضه على طبيب مختص، فالأطفال، كما البالغين، يعانون من العديد من أنواع التهابات المفاصل الحادة والمزمنة.
ولعل أشهر هذه الالتهابات هو التهاب المفاصل مجهول السبب لدى اليافعين (Juvenile idiopathic arthritis – JIA)، أو ما يعرف بالتهاب المفاصل الرثياني الشبابي Juvenile rheumatoid arthritis – JRA))، و يعد هذا الشكل الأكثر شيوعًا مقارنة بالأشكال الأخرى لالتهاب المفاصل لدى الأطفال واليافعين.
هو التهاب مفاصل (تورّم واحمرار وألم وتحدد حركة المفصل) مزمن (يستمر لأكثر من ستة أسابيع)، مجهول السبب، ويعتبر أحد الاضطرابات المناعية الذاتية التي تتميز بالتهاب الغشاء الزليل للمفصل، يصيب مفصلًا واحدًا أو أكثر، يبدأ في مرحلة الطفولة الباكرة أو المتأخرة أو في مرحلة المراهقة، ويصيب 80 – 90 طفلًا من كل مئة ألف، ويحدث بشكل أشيع عند الأطفال.
يعتقد أن هذا المرض نتيجة لاستجابات غير طبيعية في الجهاز المناعي، لذلك يعتبر أحد أمراض المناعة الذاتية، أي أن الجهاز المناعي يهاجم أجزاء من الجسم غير مريضة (هنا الغشاء الزليل المفصلي والمحفظة المفصلية) وكأنها غريبة عنه، إلا أن السبب الرئيسي لحدوث هذا الاضطراب مايزال غير معروف، ومن الأمور التي تزيد من خطر حدوث الإصابة:
تبدأ الأعراض بشكل مفاجئ، ويحدث تورّم للمفصل، وألم فيه، وتيبّس المفصل خاصة في الصباح (يبوسة صباحية)، ونقص في مدى حركة المفصل بمعنى ألا يستطيع الطفل فتح ذراعه مثلًا بشكل كامل (تحدد حركة المفصل).
كما تحدث بعض الأعراض والعلامات خارج المفاصل، مثل:
طفح (على الجذع وأطراف الجسم) والذي يأتي ويذهب ويكون مصحوبًا بحمى، تعب عام، نقص شهية، شحوب، وانتفاخ الغدد اللمفاوية، ضخامة الكبد والطحال، التهاب تامور (الغشاء المحيط بالقلب).
ويمكن أن تحدث مشاكل في العين تسمى التهاب العنبية uveitis، وتسمى أيضًا التهاب القزحية أو التهاب القزحية والجسم الهدبي، وهو التهاب في الحجرة الأمامية للعين، قد يكون لا عرضيًا، وقد يتظاهر باحمرار العين، و ألم في العين يزداد سوءًا عند النظر إلى الضوء (رهاب الضوء)، و تغيرات في الرؤية. وقد يسبب التهاب العنبة فقد الرؤية إذا لم يشخص ويعالج بشكل مبكر.
يشخص هذا المرض سريريًا، وقد وضعت الجمعية الأمريكية لأمراض المفاصل المعايير التالية للتشخيص:
وعند سحب وتحليل سائل المفصل يظهر بشكل نموذجي ارتفاع بتعداد الكريات البيض (5000 وحتى 30000/ ميكروليتر)، مع ارتفاع البروتين.
وتظهر الصورة الشعاعية للمفصل تورّمًا في النسيج الرخو في المرحلة الباكرة، ويشاهد في مرحلة لاحقة تضيق في المسافة المفصلية، وأخيرًا تتطور الائتكالات العظمية.
وتشمل اختبارات الدم الموجهة: العامل الرثواني (RF)، سرعة تثفل الكريات الحمر (ESR)، مضادات النوى (ANA)، تعداد كامل لعناصر الدم (CBC)، النمط النسيجيHLA) )، أضداد البروتين النووي الريبي (RA33)، أضداد الببتيد السيتروليني الحلقي (CCP).
قد يكون واحدٌ من هذه الاختبارات أو جميعها طبيعيًا لدى طفل مصاب بالتهاب المفاصل مجهول السبب الشبابي، لكن تبين في السنوات الأخيرة أن أضداد RA33 نوعية للإصابة بنسبة 90%، وأضداد CCP نوعية بنسبة 96-100 %.
يصنف التهاب المفاصل مجهول السبب الشبابي إلى عدة أنواع مختلفة، وكل نوع يتميز بأعراض سريرية مختلفة، وبسير مختلف للمرض، وبعلاج مختلف، وبمآل مختلف.
مخبريًا يرتفع تعداد الكريات البيض والصفيحات، وترتفع سرعة التثفل ESR، ويلاحظ وجود فقر دم، وتكون أضداد النوى ANA والعامل الرثواني RF سلبية عادة.
ويحدث لدى نصف المرضى تقريبًا شفاء تام، بينما يتطور لدى النصف الآخر التهاب مفاصل مخرب بشدة.
مخبريًا تكون أضداد النوى ANA إيجابية في 70% من الحالات، وهذا يشير إلى زيادة خطورة تطور التهاب العنبة في العين.
وعادة ما يحدث الهمود لدى 70% من الحالات بعد عدة سنوات من التهاب المفاصل الفعال.
مخبريًا تكون أضداد النوى ANA إيجابية لدى قلة من المرضى، وهؤلاء يكونون معرضين لخطر الإصابة بالتهاب عنبة العين اللاعرضي، ولهذا من الضروري فحص الطفل بشكل دوري كل ثلاثة أشهر عند طبيب عيون بالمنظار الشقي.
أما العامل الرثواني RF فقد يكون إيجابيًا، وتسمى الحالة التهاب المفاصل المتعدد إيجابي العامل الرثواني، وهذا النوع نادر عند الأطفال بينما يشاهد عند المراهقين بعد سن العاشرة، ويمثل أقل من 5% من الحالات، وهو يشابه التهاب المفاصل الرثياني عند البالغين، فيصيب المفاصل الصغيرة والكبيرة، وبشكل متناظر في جانبي الجسم، ويبدأ عادة بالمفاصل الصغيرة لليدين ثم ينتشر إلى المفاصل الأخرى.
وقد يكون العامل الرثواني RF سلبيًا، فتسمى الحالة التهاب المفاصل المتعدد سلبي العامل الرثواني، هذا النوع يميز الفتيات الصغيرات في سن المدرسة، وتصاب فيه المفاصل الصغيرة والكبيرة بصورة تناظرية في كلا جانبي الجسم، ويكون مآل المرض جيدًا نسبيًا.
مضادات التهاب غير الستيروئيدية (أقراص أو محلول فموي) مثل الإيبوبروفين والنابروكسين.
الستيروئيدات التي يتم إعطاؤها عن طريق الفم أو في الحالات الصعبة عن طريق الوريد.
الستيروئيدات حقنًا موضعيًا داخل المفصل المصاب، والتي تشكل الدواء الاختياري للالتهاب قليل المفاصل، وأيضًا كجزء من علاج مدمج لحالات التهابات المفاصل المتعددة.
الأدوية الكابتة للمناعة في حال فشل مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، وتشمل ميتوتركسات، والذي يتم إعطاؤه لحالات الالتهابات المتعددة المفاصل، حالًا مع بداية التهاب المفاصل مجهول السبب المزمن في سن الطفولة، سولفاسالازين، سيكلوسبورين، إيموران، وسيكلوفوسفميد، وتعطى في الحالات التي لا تستجيب للأدوية، وفي الحالات التي يصبح المرضى فيها معتمدين على الستيروئيدات، أو كجزء من علاج مدمج.
العقاقير البيولوجية الجديدة تشمل الأدوية المضادة للعامل المنخر للورم TNF، يتم هذا العلاج بحقن جزء محدود وصغير جدًّا من المرضى الذين لم يستجيبوا للعقاقير الأخرى.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى