قرآن من أجل الثّورة 105
أسامة شماشان – الحراك السّلمي السّوري
- العصر
في تلك السورة الصغيرة في المبنى والكبيرة في المعنى شيء آخر. {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر} (سورة العصر، 1-2). نحن من ودع بعضًا منه وليس العصر. الإنسان في سورة العصر ساعة رملية، دائمًا في حالة نقص وخسر، ورغم ذلك يستطيع أن يقبض على الزمن ويستشرف المستقبل بجعل حبات رمل الساعة لحظات عمل صالح وتواصٍ بالحق وتواصٍ بالصبر. فكما أن العصر طويل جدًا وفيه ألم وأمل كبير، كذلك الصبر فيه تضحية وصمت وألم كبير. جميلة تلك الكلمات التي قالها جبران: «إن الألم الذي بكم لا مناص لكم أن تخبروه، ولو استطعت أن تجعل قلبك يتهلل دائمًا للعجائب التي تتكشف كل يوم، لرأيت أن آلامك لا تقل روعة عن أفراحك، ولرضيت بالأطوار التي تنتاب قلبك كما رضيت دائمًا بالفصول تتعاقب على حقلك، إنها الدواء المر به يداوي مرضك طبيب خفي في نفسك، فلتثقن إذًا بالطبيب، ولتتجرع دواءه في صمت وطمأنينة».
- الكذب
{سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ} (سورة هود، 93). تكاد لا تخلو سورة من الحديث عن الكذب وعاقبته، لأنه لا يوجد ذنب أضر على الإنسان من الكذب، لذلك قال النبي الكريم: «المؤمن لا يكذب» أي يمكن أن يقع في أي من المعاصي، ولكن ليس من عادته الكذب. وما تأمل الإنسان مصيبة وقع فيها إلا وكان الكذب وراءها. لم يندد القرآن بذنب كما ندد بالكذب، في سورة المرسلات تكرر {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} عشر مرات مع أن عدد آيات السورة كاملة لا يتجاوز الخمسين، لما للكذب من عواقب مهلكة للإنسان والمجتمعات. وعندما وصل الأمر بقوم شعيب أن يقولوا: {يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ} (سورة هود، 91). عندها أحالهم إلى العواقب والنتائج ويا قوم اعملوا غاية إمكانكم وما في وسعكم من التكذيب، إني عامل، سوف تعلمون عاقبة الكذب والإضرار بالناس، ومن هو كاذب {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} (سورة هود، 94).
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :