ذوو الاحتياجات الخاصة، من ظلم النظام إلى تهميش الثورة
مالك أبو إسحق
ذوو الاحتياجات الخاصة، الذين تعرّفهم الأمم المتحدة بأنهم أشخاص لديهم نقص في تدبير شؤون حياتهم ويحتاجون لرعايةٍ للقيام بأعمالهم اليومية، ازداد عددهم خلال الثورة بسبب أعمال القصف والعنف التي شهدتها معظم المدن السورية، والتي أنتجت عددًا كبيرًا من معاقي الحرب الذين يحتاجون لرعاية خاصة. ولكن، ورغم حاجتهم للرعاية إلا أنهم كانوا مهمشين جدًا في عهد النظام وزاد تهميشهم في ظل الأحداث الراهنة.
قبيل الثورة السورية، قام النظام السوري بخطوات عديدة وصفت بـ «الخجولة» تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة بدعم من أسماء الأسد، التي هيمنت على كافة منظمات العمل المدني قبيل الثورة. وخلال الثورة السورية، لم تكن هناك خطوات جريئة تصب في صالح رعايتهم، والمقصود بالرعاية هنا ليس الرعاية الشخصية المطلقة، وإنما الرعاية الاجتماعية والطبية والخدمية العامة. وبذلك، تبقى شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة تدفع الثمن الأكبر في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وكذلك المحررة.
وضاق ذوو المعاقين ذرعًا بهذا الأمر، وخاصة في المناطق المحررة، وتعالت أصوات تطالب هيئات الحراك الثوري بالالتفات إلى أوضاعهم على الصعيدين الطبي والتعليمي، لكن هذه الأصوات لم تجد آذانًا صاغية إلى الآن. ويقول الطبيب أحمد، مدير أحد المشافي الميدانية في ريف إدلب بحديث لعنب بلدي: «هناك نقص كبير بالإجمال في المجال الطبي ولكن الخدمات الطبية المتعلقة برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة معدومة، إذ تردنا على سبيل المثال كثير من حالات الإعاقة التي تتطلب أدوات ومستلزمات تساعدهم على تيسير شؤونهم، ولكننا نقف عاجزين عن تلبية مطالبهم بسبب ضعف الدعم الطبي».
وبالرغم من أن الجانب الطبي واحد من الاحتياجات الملحة إلا أنه ليس الوحيد، إذ تتضح معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في الجانب التعليمي في المناطق المحررة بشكل خاص، وذلك من خلال انعدام المراكز التعليمية الخاصة بهم، وضعف إمكانيات المدارس الحالية عن توفير الرعاية التعليمية لهم، لما تتطلبه هذه الفئة من رعاية تعليمية وتربوية خاصة، تعجز عنها الإمكانيات الحالية. من جهة أخرى، بدأت وزارة التربية الموجودة في مدينة إدلب، الخاضعة لسيطرة النظام، تتوجه مؤخرًا لاحتواء أصحاب الاحتياجات الخاصة عبر إنشاء مراكز خاصة بهم، وافتتاح غرف صفية في المدارس وتزويدها بتقنيات ووسائل خاصة، وذلك منذ ثمانية أشهر، الأمر المغيب كليًا عن ساحة الجهود التربوية في المناطق المحررة.
وذكر الأستاذ محمد، منسق في إحدى المدارس الميدانية في ريف إدلب، أنه تم إنشاء العديد من المدارس الميدانية كبديل عن المدارس النظامية، وأضاف: «هناك غياب كامل لمستلزمات ذوي الاحتياجات الخاصة ولا وجود لأي تأهيل لمدارسنا الحالية لكي تتعامل معهم إذ يحتاجون لمناهج ووسائل تعليمية خاصة بهم وعلى الغالب لا تتوافق مع المناهج العادية».
وهناك إجماع عام بين الأهالي حول سوء وضع ذوي الاحتياجات الخاصة، وخصوصًا لدى «أصحاب الإعاقات الجديدة» بسبب الظروف الراهنة. وتقول أم أيمن، وهي ربة منزل لديها طفل يعاني من صعوبات في التعلم: «ابني يعاني من اختلال في الوظائف الجسمية تسبب له في بطئًا في الأداء مقارنة بمن هم في سنه وهو بحاجة لرعاية طبية خاصة حيث يحتاج شهريًا لنقل دم بالإضافة إلى إعطائه أدوية منشطة، ويحتاج لجهود كبيرة لكي يتعلم ما يتعلمه أقرانه ومع الأسف فإن الظروف الراهنة لا تساعد على الاهتمام به وتقديم الدعم إذ إن الدواء أصبح مفقودًا وصعب المنال من جهة وكذلك فإن المدارس تشكو القلة من جهة أخرى».
ويعكس حال ذوي الاحتياجات الخاصة رسالة مفادها أنه إذا كان الشخص العادي يعيش في القلة، فإن المحتاج للرعاية الخاصة يعيش في العدم، وينتظر فرجًا لا يعرف موعده إلا الله سبحانه وتعالى.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :