مراصد الثوار: الحصان الأسـود
سامي الحموي – حماة
بعد أن تحولت الثورة في سوريا من حركة احتجاج سلمي إلى صراع عسكري، ومع ازدياد وتيرة المعارك، وخاصة في الأرياف، برزت حاجات ملحة لدى الثوار للتكيف مع ظروف المعركة ومواكبة التقنيات الحديثة للتمكن من صد قوات النظام عند الهجوم، والتخفيف من أي خطر محتمل.
تعتبر المراصد التابعة للثوار «الحصان الأسود» ونقطة ارتكاز أساسية يتم الاعتماد عليها في كل معركة، أو عند تعرض المناطق الخاضعة لهم لقصف قوات النظام، ووفقًا للناشط مهند المحمد، عضو مجلس قيادة الثورة في حماة، فإن مراصد الجيش الحر تنتشر في ريف حماة الشمالي، وتعمل على رصد تحركات الجيش النظامي وأماكن تمركز آلياته، «إضافة إلى رصد إقلاع الطيران الحربي واتجاهاته، ومن ثم تقوم بتبليغ الثوار والأهالي وتحذيرهم عبر قبضات اللاسلكي وفق ترددات خاصة وسرية كي لا يتسنى للنظام التشويش عليها».
أبو محمد، مساعد أول انشق عن النظام نهاية عام 2011 ويعمل في المرصد «عشرين» التابع للجيش الحر والقريب من مدينة كفرنبودة، تحدث إلى عنب بلدي قائلاً «المرصد هو عصب المعركة، حيث أعمل على رصد حركة الطيران عند خروج الطائرة أو الحوامة من المطار وحتى وصولها فوق أرض المعركة وتحديد إحداثياتها وأماكن القصف المحتمل، كما نتابع تحركات قوات النظام على الأرض ونتنصت عليهم ونحاول الاستفادة من أي معلومة، ومن ثم تعميم الخبر للثوار كي يتعاملوا مع الموقف، وتحذير الأهالي في المناطق المستهدفة» ويتابع أبو محمد «عمل الراصد محفوف بالمخاطر، فهو مهدد من جيش النظام بشكل دائم، حيث رصدنا أوامر تفيد بقصف المراصد، ونجوت من القصف المركز علينا عدة مرات».
وبعد أن سيطر الجيش الحر على مساحات واسعة في الريف الشمالي لمحافظة حماة، عمد النظام على قطع الكهرباء والاتصالات عن هذه المناطق، ليعيش من تبقى من أهلها في عزلة شبه تامة، إضافة إلى المعاناة اليومية من القصف المتكرر بمختلف أنواع الأسلحة وسقوط ضحايا جلهم من المدنيين. يحدثنا أبو رشيد، مدير المكتب الإعلامي لمدينة كفرنبودة، قائلًا: «لا يقتصر دور الراصد على مراقبة تحركات النظام والتنصت عليه، بل يتعداها لكونه الوسيلة الإعلامية الوحيدة للأهالي والثوار، فيعمل الراصد على بث أخبار الجبهات في عموم سوريا، بهدف رفع المعنويات ونقل الأخبار بمصداقية عالية عبر القبضات».
ووفقًا لأبو رشيد، فإن الأهالي يرون بالراصد «نجمًا مضيئًا وهبة من الله لهم»، فعمله يخفف من هول المصائب ووقوع الضحايا، رغم كثافة القصف وتنًوعه برًا وجوًا، فبمجرد تعميمه لخبر القصف ينزل الأهالي إلى ملاجئهم إن وجدت أو يحتمون بالأراضي الزراعية بعيدًا عن الأبنية والأماكن التي يحددها لهم، فيجدون فيه الجندي الأهم في معركتهم المصيرية ضد نظام الأسد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :