الرقة تتحول إلى “ميدان رماية” في رمضان

  • 2017/06/04
  • 2:52 ص

أورفة – برهان عثمان

“لا نعرف إن كنا سنُكمل رمضان على قيد الحياة أم نموت”، يقول الخمسيني “أبو مصطفى”، وهو يبحث عن جثة ابنه البكر، بين أنقاض المنازل التي دمّرها القصف على الرقة، في صورة نمطية تكررت خلال الأيام الماضية، مرددًا عبارة “إلى أين نفر يارب (…) خذنا إليك كي نرتاح”.

تمر أيام رمضان بطيئة على من بقي في الرقة، يحاولون خلالها التمسك بما يطيقونه من شعائر الشهر، إذ يتجول الباعة حاملين أطعمة ومشروبات خاصة برمضان، لكن بينما تفوح رائحة الخبز من بعض الأسواق، تقابلها رائحة الدم في شوارع أخرى.

الحرب “دفعت الناس للتمسك بشعائر الشهر وزادت من التزامهم الديني”، كما يُروّج تنظيم “الدولة الإسلامية” عبر وسائله الإعلامية، لتختلط هذه الادعاءات مع مشاهد أخرى تشكّل الصورة الكاملة لمدينة تعيش رمضان وتستعد للمقبل المجهول.

 يطال القصف عشرات النقاط في الرقة أبرزها: حي الثكنة وقصر المحافظ (الضيافة) وشارع 23 شباط، إضافة إلى محيط المستشفى الوطني، ومدرسة معاوية ومنطقة الفرن، وغيرها من النقاط الحيوية في المدينة.

قصف مكثف يشعل “فرنًا بشريًا”

غادر “أبو مصطفى” دير الزور مع زوجته وأطفاله السبعة، نهاية عام 2012، واستقر في مدينة الطبقة وغادرها إلى الرقة، مع سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) عليها، ويوضح لعنب بلدي أنه عمل في التدريس على مدار 13 عامًا، إلا أنه يعمل اليوم حمّالًا لتأمين معيشته وعائلته.

وتستهدف طائرات “التحالف الدولي” ومدفعية “قسد” أحياء المدينة، وخاصة مع وصول “قسد” إلى أطراف حي المشلب (شمال شرق)، 30 أيار الماضي، ما دعا سكانه للنزوح.

الشابة الثلاثينية كفا تقول، بعد خروجها من الحي لعنب بلدي، إن المدينة أصبحت “فرنًا بشريًا”، متسائلةً “أين المنطق في قتل 20 مدنيًا لإصابة عنصر واحد من تنظيم الدولة؟”.

واعتبرت أن “التحالف” أسقط كل الاعتبارات المحرمة، بإهماله تحديد أماكن عناصر التنظيم بدقة، واستهدافه المباشر للمدنيين.

ووفق كفا، فإن أغلب عناصر تنظيم “الدولة” يتنقلون باستمرار داخل المدينة، بعد إخراج عوائلهم من الرقة، ويشير بعض الأهالي ممن استطلعت عنب بلدي آراءهم، إلى نية التنظيم تسليم المدينة بعد فرار قسم كبير من عناصره إلى ريف دير الزور، بينما يقول آخرون إنه يبحث صفقة للخروج من بعض القرى القريبة من المدينة، كالمنصورة وهنيدة غربًا.

وأبعد تنظيم “الدولة” كامل قياداته عن الرقة، وفق مصادر عنب بلدي داخلها، بعد أن منحهم بطاقات تعريفية وأوراق ثبوتية جديدة تخفي شخصياتهم.

تنظيم “الدولة” خفف رقابته

يقول عبد الله الديري، المقيم في الرقة وأحد النازحين من ديرالزور، لعنب بلدي، إن تنظيم “الدولة” عدّل الكثير من أحكامه، متهاونًا مع الأهالي في تطبيقها، عازيًا ذلك “لاستمالتهم وتوجيههم نحو أعدائه عبر خطاب تحريضي، ارتفعت وتيرته خلال الأشهر الماضية”.

صورٌ قليلة تخرج من الرقة، تظهر محاولة الأهالي الاستمرار بالعيش رغم المعارك والقصف، بينما يستغرب الشاب العشريني من “التبريرات التي تُساق في قصف المدنيين وقتلهم”، ويراها تُعزز رواية التنظيم عن الحرب المفتوحة ضد أبناء الرقة”.

مع استمرار نزوح الأهالي تباعًا من مناطقهم، فرغت بعض النقاط بالكامل من سكانها، كالجهة الجنوبية من المدينة، ويلفت عبد الله إلى ضرورة إنشاء ممر آمن للمدنيين، يخرجون عبره من المدينة، في ظل خطورة الحركة بين نقاط التنظيم و”قسد”، إذ حصدت الألغام في تلك المناطق عشرات من أبناء المنطقة الذين حاولوا الفرار.

يتجهز أبو مصطفى مع عائلته لنزوح جديد نحو ريف دير الزور، ويرى أن تنقله لن يكون الأخير من الرقة، “هجرات أخرى سنعيشها في ظل استمرار سعير الحرب، التي أحرقت المنطقة، وهجرت أهلها حتى اقتربت من الفراغ السكاني”، واصفًا الرقة بأنها “ميدان رماية يستقبل كافة أنواع القصف”.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع