د. أكرم خولاني
يشكو الكثير من الناس من عدم ارتياح في الساقين يجعل المصاب ينقلهما ويحركهما بشكل متكرر، وقد تحدث الأحاسيس الشاذة في الساقين، أو القدمين، أو الأيدي، ونرى هؤلاء الأشخاص كلما التقوا بطبيب سرعان ما يسألونه عن مشكلتهم بتذمر لما تسببه لهم من إزعاج، فيشخّص لديهم ما يعرف بمتلازمة السيقان المتململة (Restless Legs Syndrome – RLS)، وعلى الرغم من أن هذه المتلازمة موصوفة منذ أكثر من 400 سنة، إلا أنها لم تحتل حيزًا من الوعي الطبي إلا في السنوات الأخيرة.
ما هي متلازمة السيقان المتململة؟
تُعرَفُ أيضا باسم داء ويليس- إيكبوم willis-Ekbom disease، وهي حالة شائعة في الجهاز العصبي، تتسم بالشعور بعدم الراحة في الساقين، مصحوبًا بإحساسات أخرى (آلام قريبة من الحرقة، خَدَر، حكة، لسعات صغيرة)، تظهر في أوقات السكون، خاصة عند النوم ليلًا، وكذلك عند الجلوس لمشاهدة التلفزيون، أو الاستلقاء في السرير في ساعات الظهر، وقد تصل إلى حد عدم القدرة على الاستلقاء في الوضعية نفسها لأكثر من ثوان معدودة، مع الشعور بالحاجة إلى القيام أو الحركة من أجل التخلص من هذه المشكلة، وتحصل، في 80% من الحالات، اضطرابات جسدية حركية في الساقين خلال النوم على شكل حركات نفضية لا إرادية متكررة بشكل دوري في الساقين.
في مثل هذه الحالة، يضطرب النوم بسبب صعوبة الإغفاء، فتقل ساعات النوم، وتتدنى جودة النوم الفعلي أيضًا، وهذا يؤدي إلى التعب الشديد خلال ساعات النهار، النعاس، صعوبات في التركيز، وحتى الشعور بآلام في الأطراف خلال ساعات الصباح، في بعض الأحيان.
يعاني من هذه المتلازمة ما بين 8 – 15% من الناس، بشكل أو بآخر، وتتأثر النساء عادة أكثر من الرجال بنسبة الضعف، وتبدأ الأعراض غالبًا عند البالغين في منتصف العمر أو عند كبار السن، إلا أنها قد تبدأ في أي عمر، حتى عند الأطفال، وتسمى في سن الطفولة باسم آلام النمو، أو يتم تفسير صعوبة الجلوس لفترات متواصلة بأنها فرط نشاط/ فرط حركة.
ما أسباب متلازمة السيقان المتململة؟
في معظم الحالات تكون متلازمة تململ الساقين أولية (أساسية)، ويكون سببها اضطراب أساسي مجهول السبب للجهاز العصبي المركزي، ويعتقد أن الأعراض قد تكون ذات صلة بطريقة تعامل الجسم مع مادة كيميائية تسمى الدوبامين، حيث يشارك الدوبامين في ضبط حركة العضلات، وقد يكون مسؤولًا عن حركات الساقين اللاإرادية والمرتبطة بمتلازمة تململ الساقين.
ويكون هذا المرض مجهول السبب عائليًا في 25-75% من الحالات، ويميل المرضى الذين يعانون من المتلازمة العائلية إلى البداية في سن مبكرة (<45 عامًا) وتباطؤ في تطور المرض، ويمكن للعوامل النفسية، والإجهاد، والتعب أن تؤدي إلى تفاقم الأعراض.
وقد تكون متلازمة تململ الساقين ثانوية، فتكون ناجمة عن حالة صحية كامنة، مثل عوز الحديد بشكل خاص، أو اعتلال الأعصاب المحيطية، الحمل (تؤثر على 25-40% من النساء الحوامل)، الفشل الكلوي (ما لا يقل عن 25-50% من المرضى الذين يعانون من مرض الكلى في المرحلة النهائية)، وتشمل الأسباب الأخرى: نقص حمض الفوليك أو المغنيزيوم، الداء السكري، اعتلال الجذور القطنية العجزية، مرض باركنسون، التهاب المفاصل الرثواني، متلازمة جوغرن، اليوريمية (البول في الدم)، نقص فيتامين B12، نقص فيتامين D، التبرع المتكرر بالدم، استخدام بعض الأدوية (مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة، مضادات الذهان، ديفينهيدرامين، كافيين، ليثيوم، حاصرات بيتا، الكحول).
كيف يتم التشخيص؟
لا يوجد اختبار معين لتشخيص المتلازمة، وإنما يتم التشخيص سريريًا، عندما تتصف الأعراض بما يلي:
- الرغبة في تحريك الساقين تبدأ أو تسوء أثناء فترات الراحة أو الخمول.
- الرغبة تخف مع الحركة جزئيًا أو كليًا.
- الرغبة في تحريك الساقين هي أسوأ في المساء أو في الليل منه خلال النهار، أو تحدث فقط في المساء أو في الليل.
- تحدث الأعراض على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع، وتستمر لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.
- لا يمكن أن تعزى الأعراض لاضطراب عقلي آخر، أو حالة طبية أخرى (على سبيل المثال، وذمة الساق، والتهاب المفاصل، وتشنجات الساق)، أو حالة سلوكية (مثل عدم الراحة الموضعية).
- لا يمكن تفسير الأعراض بالآثار المترتبة على سوء تعاطي المخدرات أو الأدوية.
ما هي طرق العلاج؟
يلجأ الأطباء لإجراء بعض التحاليل المخبرية لاستبعاد وجود أي حالة كامنة مسببة للأعراض، وفي حال وجد أي مسبب فإنه يتحقق علاج هذه المتلازمة بعلاج المسبب.
أما في الحالات مجهولة السبب فإن العلاج يستهدف التخفيف من الأعراض بسبب عدم وجود علاج مباشر للحالة، ويستطيع الأشخاص الذين يعانون من حالات خفيفة أو متوسطة الاعتماد على التغيير في نمط حياتهم، مثل ممارسة التمارين الرياضية، التدليك والحمامات الساخنة، تخفيف الكافيين، التوقف عن التبغ أو الكحول، تنظيم النوم وعدم الاستيقاظ لفترة تزيد عن ثماني ساعات متواصلة (بحيث تؤخذ قيلولة من نصف ساعة إلى ساعتين). أما في الحالات الشديدة فيمكن استخدام الأدوية التالية:
بدائل الدوبامين المستخدمة لعلاج داء باركنسون (مثل روبينيرول و برامابيكسول)، وهي أدوية معتمدة من منظمة الغذاء والدواء لعلاج تململ الساقين.
الأدوية المهدئة والمنومة التي تهدئ نشاط العضلة (مثل كلونازيبام)، خاصة عندما تكون الأعراض سائدة ليلًا.
عندما يسيطر الشعور بالحرقة والحكة والخدر على المريض ينصح باستخدام مضادات الصرع (مثل غابابنتين وبيوغابالين).
وعندما يكون الألم شديدًا ومزعجًا بشكل استثنائي تستخدم مسكنات الألم.
ومن المتبع عادة الانتقال من دواء لآخر كل عدة أشهر، كما يمكن المشاركة بين عدة أدوية تبعًا لاستجابة الأعراض.