قسم النساء في سجن عدرا المركزي، فرع أمني، وتعذيب من نوع آخر

tag icon ع ع ع

جودي سلام – عنب بلدي

قد تكون فرحة المعتقلات لا توصف عندما يتم تحويلهن من الأفرع الأمنية إلى سجن عدرا، ظنًا منهن أن السجن المركزي قد يتيح لهن التواصل مع ذويهن من خلال الزيارات، ويحسن من ظروف اعتقالهن وغذائهن بشكل عام.

لكن الحقيقة التي سرعان ما تكتشفها المعتقلات، أنهن حولن من فرع أمني إلى فرع أمني آخر أكثر سوءًا. وقد أصبح من الطبيعي أن يطلق عناصر السجن على قسم النساء، المعتقلات بتهمة الإرهاب، اسم «فرع عدرا»، ويطلقون على عميد السجن فيصل العقلة، اسم «عميد الفرع»، كما أصبح مألوفًا أن ترى عناصر السجن يرتدون زي شبيحة الأفرع الأمنية، الذين يذكرون المعتقلات دائمًا بأنهن في السجن المركزي لصالح الفرع الأمني الذي جئن منه.

تقول إحدى المعتقلات المفرج عنها مؤخرًا، إنها تعرضت للضرب المبرح في سجن عدرا بسبب إضرابها عن الطعام، الذي قامت به مجموعة من المعتقلات اعتراضًا على إبقائهن في قسم الإيداع أشهرًا دون عرضهن على قاضي محكمة الإرهاب ليسوي أمرهن.

وتضيف ريما، معتقلة أخرى، «كنا نقف ولا نريد الدخول لمهاجعنا وبدأنا ننادي: علو الصوت علو الصوت يا منروح المحاكم يا إما منموت، وما هي إلا لحظات ودخل شبيحة السجن يحملون الهراوات والقضبان الحديدية الطويلة وبدأوا بضربنا دون أن يسألوننا ماذا نريد»، وتحدثت ريما عن معتقلة تعرضت لضربة بالهراوة على رأسها فوقعت أرضًا دون أي حراك، وبقيت لساعات في حالة إغماء دون اكتراث من السجانين، كما قامت إدارة السجن بحرمان المعتقلات من الخروج من المهاجع، ومنعوا أهاليهن من زيارتهن.

المعتقلة دلال، تبلغ من العمر 55 عامًا، وتعاني من ورم في الرحم، ما يؤدي لحدوث نزيف مستمر عندها، تقول لعنب بلدي «عندما كنت في فرع الجوية كان هناك أطباء يتم عرضي عليهم بسبب سوء وضعي، وكانوا يقدمون لي الدواء على الرغم من سوء معاملة الفرع، ولكن لم أتوقع أن أذهب إلى عدرا وأكتشف بأنه لا دواء ولا أطباء في السجن لأعاني حتى الموت من مرضي هذا دون أن يبالي بي أحد».

وتقول المعتقلة مها، أن معتقلة تبلغ من العمر 38 عامًا، تعرضت لتدهور صحي بسبب معاناتها من مرض قديم وبدأت تعاني من ضيق في التنفس وهي في المهجع، دون أن تفلح مناشدات المعتقلات وطرقهن لأبواب المهجع في إسعافها، وعوضًا عن ذلك كان السجانون ينظرون إليها من باب المهجع قائلين «من المستحيل أن نأخذها للمشفى، تريدون من الجيش الحر أن يقوم بقنصنا!» لتلقى المعتقلة حتفها بعد ساعة إثر جلطة أصابتها.

وأضافت مها أن العديد من النساء، ومنهن مسنات، كن يعانين من أمراض عدة، ولم يكترث بهن أحد، رغم الاحتجاجات المتكررة لعدم وجود أطباء، والذين كانوا يحتجون بصعوبة الوصول إلى السجن بسبب وجوده في منطقة ساخنة، كما كان عميد السجن يمنع دخول الأدوية التي يحضرها الأهل لبناتهم دون أي سبب.

وتضيف مها أن عناصر السجن كانوا يقومون بمداهمة مهاجع المعتقلات دون أي سبب، وذلك بحجة وجود هاتف محمول مع أحد المعتقلات، مع العلم أنه لا يوجد تغطية خلوية في سجن عدرا للنساء.

وتتحدث المعتقلة غدير عن العقوبات الجماعية العشوائية التي كن يتعرضن لها على أيدي عناصر السجن بدون أسباب واضحة، أو لأسباب لا علاقة لهن بها. وتذكر غدير أنه تم ضرب العديد من المعتقلات على أقدامهن (فلقة) بعد ما قصف الجيش الحر سجن عدرا وتوفي أحد عناصره، حيث جاء الملازم المسؤول وأخرج حوالي 12 معتقلة بشكل عشوائي وأمرهن بارتداء «البنطال» لتسهيل عملية معاقبتهن، ليقوم العناصر بضربهن ضربًا شديدًا على أرجلهن بأمر من الملازم، مع شتمهم «بأوسخ الكلمات» قائلًا لهن «أنتم من طلبتم من الجيش الحر قصف السجن يا …..»، وقد بقيت المعتقلات أسبوعًا غير قادرات على المشي من شدة الضرب الذي تعرضن له، كما كسر كتف إحداهن.

وتروي المعتقلة فرح حادثة أخرى تقول فيها «دخل شبيحة السجن وبدأوا بتفتيش أغراضنا وحقائبنا، وكان من بين العناصر نساء من سجينات قسم الدعارة والمخدرات، وقد قمن بسرقة بعض النقود أثناء التفتيش وقمن برمي طعامنا على الأرض وراحوا يدوسون عليه»، وتضيف «جاءت سجينات من قسم الدعارة تريد تفتيشنا تفتيشًا نسائيًا وذلك بأمر من أحد العناصر فرفضت الكثير من المعتقلات ذلك، وخصوصًا غير المتزوجات، فبدأ العناصر بضرب النساء اللاتي رفضن التفتيش النسائي،  وقام أحدهم بضرب فتاة على مكان عفتها بقدمه قائلًا لها «تسمحون للجيش الحر أن يفعل بكم كذا وكذا والآن تتباهين بشرفك علينا»، ثم أجبرها أحد الضباط على خلع ملابسها، وطلب من السجينة التي ترافق العناصر أن تقوم بتفتيشها في غرفة أخرى، وأمرها بأن تدخل يدها حتى تصل إلى معدتها قائلًا «ربما تخفي شيئا خطيرًا».

تقول فرح إن الفتاة بقيت أسبوعًا تعاني من اكتئاب شديد، وأضافت إن المعاملة في بعض الأفرع الأمنية كانت أفضل بكثير من سجن عدرا المركزي، ولم تصل إلى هذا الحد من القسوة.

وبالمقارنة بين مهاجع «الإرهاب» ومهاجع الدعارة والمخدرات، يمنع مدير السجن العميد فيصل العقلة، وهو من دير الزور، المعتقلات بتهمة الإرهاب من شراء اللحم والخضار والفواكه، كما يمنعهن من استخدام الهاتف ومشاهدة التلفاز، في حين يسمح بكل ذلك في قسم الدعارة، الذي تشبهه إحدى المعتقلات بفنادق الـ 5 نجوم. وتضيف المعتقلة «أرسل لي اخوتي علبة حلويات بمناسبة عيد الفطر فدخل الملازم في المساء وصادر كل الحلويات الموجودة في المهجع وكل ما أعدته المعتقلات للاحتفال بالعيد».

معظم النساء الذي خرجن من سجن عدرا المركزي تحدثن عن المعاملة السيئة داخله، وعن نقص الطبابة والأدوية فيه، بالإضافة إلى الألم النفسي الذي عشنه طيلة فترة اعتقالهن.

تقول إحدى المعتقلات في نهاية حديثنا معها «ألا تستطيع المنظمات الدولية القدوم إلى هذا السجن لترى ما يحدث هنا وكيف نعيش، نعلم أنهم لا يستطيعون دخول الأفرع الأمنية، ولكن لماذا لا يطلبون القدوم الى هذا السجن اللعين».

 

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة