مخالفات البناء وارتفاع الأسعار
تتميز المدن الكبرى في معظم دول العالم بكونها محاطة بسوارٍ من السكن العشوائي غير المنظم والذي غالبًا لايراعي الشروط الفنية والصحية المطلوبة في أي بناءٍ، كما أنه غالبا ما بكون غير مرخصٍ وبالتالي ينطوي على كثيرٍ من المشاكل في اثبات ملكيته أو نقلها.
وفي ظل الظروف التي عاشتها سوريا منذ انطلاق الثورة في العام الماضي، وتخلي الدولة في كثيرٍ من مفاصلها عن دورها المطلوب منها بحماية المدنين وممتلكاتهم، وتطبيق القوانين لتقتصر «جهودها» على قمع المظاهرات السلمية المطالبة بالحرية والكرامة، فقد استغل البعض هذه الظروف لتشييد بناءٍ مخالفٍ أو طابقٍ جديدٍ فبرزت حركةٌ رهيبةٌ للأبنية المخالفة والعشوائية والتي كان لها آثارها السلبية الآنية والمستقبلية. ولعل أبرز هذه الآثار كان الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء وفي أسعار الأبنية أيضًا.
حيث شهدت أسعار مواد البناء (اسمنت-رمل-حديد-بلوك…) ارتفاعًا كبيرًا بلغ 30% وتجاوز نسبة الـ 50% بالنسبة لبعض المواد كالبلوك وذلك نتيجة الطلب المتزايد على هذه المواد بهدف الانتهاء من البناء المخالف بأسرع ما يمكن إضافةً إلى ارتفاع الأسعار العالمية لبعض هذه المواد. كما شهدت أجور الأعمال المرتبطة بالبناء (بناء-طينة …….) كذلك ارتفاعًا كبيرًا تجاوز الـ 100% في بعض الأحيان نتيجة الطلب الكبير خلال مدةٍ قصيرةٍ على العاملين في هذا المجال.
إن هذا الارتفاع في أسعار مواد البناء وأجور الأعمال المرتبطة به كان لها انعكاساتها الكبرى على قطاعاتٍ عدةٍ، لاسيما على قطاع البناء النظامي المرخص الذي شهد جمودًا كبيرًا منذ تفاقم حركة البناء العشوائي، حيث لوحظ انخفاضٌ كبيرٌ في عدد رخص البناء النظامي المسجلة في البلديات وفروع نقابات المهندسين بنسبةٍ بلغت 66% في بعض المحافظات، إضافةً إلى ارتفاع أسعار البناء النظامي نتيجة ارتفاع تكاليفه. كما أن لهذه العشوائيات أثرًا على جمالية البناء في مناطقها إذ أنها لاتأخذ بالاعتبار المخطط التنظيمي لمحيطها بل وقد تمثل مشكلةً فعليةً عندما يتم تنظيم المنطقة أو البدء بالبناء فيها حسب المخططات التنظيمية. كما أن هذه الأبنية المخالفة تنطوي على مخاطرَ كبيرةٍ نتيجة عدم مطابقتها للمواصفات الفنية في بعض الأحيان. ويبقى الأثر الأكبر متمثلًا في استمرار ارتفاع أسعار مواد البناء، فرغم تراجع حركة البناء المخالف وجمود حركة البناء النظامي إلا أن الأسعار لم تعد إلى سابق عهدها، وذلك سيعني جمودًا مستقبليًا في قطاع البناء وهو من القطاعات الحيوية لأي نشاطٍ استثماريٍ وذلك لفترةٍ قد تطول لبضع سنواتٍ، الأمر الذي سينعكس على القطاعات الاقتصادية كافةً.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :