قرآن من أجل الثّورة 103

  • 2014/02/10
  • 9:02 م

أسامة شماشان  –  الحراك السّلمي السّوري

لوم النفس

{فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ} (سورة الحج، 45). كما يندد القرآن بالطغاة والمستكبرين ويحملهم مسؤولية فساد الشعوب والتنكيل بهم، كذلك يندد بالقرى وبالناس مجتمعين، ويحملهم مسوؤلية الفساد والحرب تمامًا مثلما حملها للقادة الطغاة الفاسدين، وفي هذا إشارة تنبهنا بأن لا نلقي اللوم على غيرنا دائمًا ونبرئ أنفسنا من الذنب ونشتكي الظلم وكأن الطاغية جاء من كوكب آخر. ألسنا نحن من صنع هذا الطاغية وكان نتاج مجتمعنا ونفوسنا وعلاقاتنا فيما بيننا؟ ألسنا نحن الذين ظلمنا أنفسنا بعبادتنا لمصالحنا الشخصية متجاهلين المصلحة العامة وبناء المجتمع الذي يحترم القانون ويطبقه؟ فالمستبد هو مرآة يشاهد الناس وجوههم فيه ومن خلال سلوكه. {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا * فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } (سورة الحج، 46).

فرض الأجندات

{وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ} (سورة النجم، 34) هذه الآية الكريمة تضع اليد على الجرح كما يقال، وتفسيرها أعطى قليلاً من المال وقطع العطاء ولم يتممه، فالكلام كناية عن التوقف عن العطاء، ولا نبالغ إذ نقول إنها من أسوأ الصفات. يوجد جمعيات خيرية تضع شروطًا كثيرة لتعطي عائلة محتاجة. قد يكون من بين هذه الشروط أن تضع بنات العائلة الحجاب، وبعض الجمعيات قطعت المال عن عائلة لأنها تتبنى غير المذهب الذي تتبناه الجمعية شافعي-حنفي. أليس هذا غريبًا؟! فلا تستغرب إذًا من الذين يمولون المعارضة عندما يفرضون عليهم أجنداتهم وأفكارهم التي لا تخدم الشعب في الغالب. لذلك تلا هذه الآية قوله تعالى: {أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ * أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ} (سورة النجم، 35-38) ومعنى هذه الآيات أنه لا يجوز لنا أن نكون أوصياء على عقول الناس وأفكارهم ونفرض عليهم إيديولوجيتنا مستغلين حاجتهم، وألا نحمّل نفسًا ذنب نفس أخرى.

مقالات متعلقة

فكر وأدب

المزيد من فكر وأدب