صرخات لاجئ
عنب بلدي – العدد 103 – الاثنين 10/2/2014
جرفني سيل هؤلاء الهاربين من ويلات الموت، لم أقو على الالتفات حتى، ربما منعني كبرياء دفين من مشاهدة كل حياتي وأحلامي وعائلتي وهي تتحول الى ركام تحت زخات البراميل المتفجرة.. وجدت نفسي لاجئًا! لا أملك أية صفة ولا انتماء ولا هوية ولا وطن ولا أحلام!
في مخيم على حدود الإنسانية بين الموت والحياة، حيث تجمع كل الفارين من الواقع المرير، إلى واقع أشد مرارة.
تراصت الخيام المنكمشة البيضاء كالمقابر وفتحت أفواهها، خيل الي أنها تدعونا في استهزاء «هلموا أيها المتشردون احتضنكم كي تحلموا بماضيكم الدافئ وتنفقوا حسرة عليه» تهافت المصورون والصحفيون علينا يستجلون منا حقيقة ما حدث، ولكن أي منا قد فقه فعلًا حقيقة ما حدث؟
وهل للحقيقة وجه واحد؟ ولماذا لا زلنا نتحدث لهجتنا السورية؟ ألسنا خارج الوطن الآن؟ ألم يجردونا من كل حقوقنا؟ فمن عسانا نكون الآن؟ كان يعلو صراخ الأطفال أحيانا ليمزق هذا الصمت القاهر الذي يلف المكان، الكل غارق في ويلاته وكأنه انقطع عن الوجود، كان الطعام دافئًا، والشفقة تعلو وجوه الطاقم الطبي، شيء ما صرخ بداخلي بشدة لا نريد طعامًا ولا شفقة كي لا ننسى الوطن الجريح والآلاف الذي لا يزالون في الداخل تحت ويلات الوحوش الآدمية. كي لا ننسى بيوتنا وحاراتنا وحياتنا وذكرياتنا، وشق الصوت طريقه الى أرجاء المخيم لا أريد إنسانيتكم، أريد سوريتي.. واندفعت خارجًا تاركًا عيونًا مندهشة تتبعني، وأخرى تحمل بداخلها صرختي..
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :