عنب بلدي – العدد 103 – الاثنين 10/2/2014
شمس براء – مشاركة
هي الشمس التي وأد الأسد اﻷب ألق شعاعها منذ انقلابه البائس قبل عقود، هي الشمس التي أطفأت مرغمة أنوارها وانكفأت على استحياء في ركن الظلام الذي ظلل بوجهه القبيح منارة الحضارة معلنًا دفن تاريخ من اﻹشعاع شيدته سواعد اﻷجيال المتعاقبة.
ليس غريبًا على عائلة لا تعرف من تاريخها المبتور سوى سليمان الوحش، أن تعمل سكاكينها لتطعن في ظهر التاريخ، أن تضغط بثقل يديها لتخنق أنفاس اﻹنسانية، لكن الغريب أن تقتل هذه العائلة الساقطة آدميًا في نفوس من تحسبهم آدميين، أن تغتال العقل في رؤوس من كرمهم رب العالمين، كيف بعد اليوم يستقيم النقاش مع أشباه بشر باعوا آدميتهم للشياطين، مع مخلوقات أشاحت بوجهها اﻷسود عن فظاعات الجزارين، كيف يستوي الكلام مع من ارتضى عيشة اﻷنعام، مع من فقأ عينيه ليهجر الشمس وينعم في الظلام…
نتساءل بعد أن كشفت هذه المأساة عورات من حسبناهم من أبناء جلدتنا، إن كان من حقنا أن نتقيأ أوجاعنا وأحقادنا في حضرة الدول التي غلفت قبح وجهها بقناع الديمقراطية، أن نبصق دساتير حقوق اﻹنسان في وجه المنظمات العاجزة أمام المتحكمين بمصير البشرية، أن نتساءل عن حقنا في البحث عن موقعنا على خارطة الاهتمامات الدولية، عن توصيفنا في سجلات القواميس ومفردات اﻷبجدية، لتأتي اﻷجوبة لاهثة من جبهات المجاهدين، من دماء الشهداء، من عذابات المعتقلين، لتضرب لنا موعدًا مع أمل يتسلل بحنو على صرخات آهاتنا، يتسلق بدأب على ندبات قهرنا، ليعبد بخطواته الخجولة الدرب التي خطها الأنقياء، ليبدد بابتسامته ضيق حزن اﻷشقياء، ليجدد عهدًا مع صباح آخر تمحو تباشيره عتمة الليل، رهبة الويل، سحب الشتاء.
واليوم… ونحن على أعتاب السنة الرابعة في نضالنا الدامي، ما نزال نرنو بأعيننا إلى كبد السماء، ننتظر بلهفة موعدنا مع صبح يضمد ببلسمه نزيف جراحنا، مع صبح تقبّل أشعة شمسه وجنات شرفاتنا المهدمة، ما نزال وبرغم عمق آلامنا، ووسع انكساراتنا، نرنو بشغف إلى موعدنا مع الصبح… أليس الصبح بقريب؟