عنب بلدي – خاص
لم تمضِ ساعات على حديث أمين عام “حزب الله” اللبناني، حسن نصر الله، حول إمكانية حدوث تسويات في جرود عرسال لخروج المجموعات المسلحة منها، وخضوعها بالكامل للدولة اللبنانية، حتى هاجم تنظيم “الدولة الإسلامية” مواقع للمعارضة السورية فيها، في مواجهات اتسعت داخل الأراضي اللبنانية وخارجها، وأسفرت عن عشرات القتلى.
وتخضع منطقة الجرود، الواقعة بين شرق بلدة عرسال ورأس بعلبك اللبنانية من جهة والقلمون الغربي في ريف دمشق الشمالي من جهة أخرى، لتقاسم نفوذ ثلاث جهات رئيسية: تنظيم “الدولة الإسلامية”، “هيئة تحرير الشام”، و”سرايا أهل الشام”.
عرسال نحو التسويات
واحتوى خطاب نصر الله الأخير، الجمعة 26 أيار، تطمينات بدت داخلية للحكومة والجيش، بعدم نيته الاقتراب من عرسال كما أشيع مؤخرًا، مطالبًا الجيش اللبناني بضرورة استعادتها وإعادة الأمان لها.
وقال “نحن حريصون على إنهاء الوضع الذي لا يجوز بقاؤه لأي سبب وبأي حجة، نحن حريصون على حقن الدماء وإنهاء هذا الملف بالطرق السلمية والتسويات الممكنة، وفي نهاية المطاف لا يمكن البقاء على الوضع القائم في جرود وفيها جماعات مسلحة لديها السيارات المفخخة ولديها انتحاريون ويمكن أن تهدد قرى وبلدات هذه المنطقة في أي لحظة من اللحظات”.
وحول المعركة التي سوّق الإعلام لها في الجرود، قال نصر الله “لسنا ملتزمين بجدول زمني لإنهاء المعركة في جرود عرسال (…) وموضوع عرسال بات واضحًا، نحن لا نريد أن نقترب من البلدة، فهذه مسؤولية الجيش اللبناني”.
حديث الحزب، الحليف القوي للنظام السوري، وصاحب المبادرات في معارك القلمون الغربي ضد المعارضة، وصولًا إلى ضواحي دمشق، والرسائل الواضحة حول اقتراب حسم مسألة جرود عرسال، أعقبها تحرك لتنظيم “الدولة”، في سياق مشابه لما حدث عام 2014.
هجوم “داعشي” انتهى بالفشل
في حوالي الساعة الثالثة والنصف من فجر السبت (27 أيار) شنت مجموعات تنظيم “الدولة” هجومًا من مناطق سيطرتها في جرود “رأس بعلبك” باتجاه جرود عرسال، تركزت في منطقة “وادي حميد” ذات الوجود الكثيف لمخيمات اللاجئين السوريين، وامتدت إلى مناطق “شميس العجرم”، “خربة داوود”، “الشاحوط سرج النمورة”، “الملاهي”، “العجرم”، و”خربة يونين” في جرود عرسال.
وصرح مصدر سوري إعلامي في عرسال (رفض ذكر اسمه) لعنب بلدي، أن الهجوم هو تكرار لسيناريو عام 2014، إذ حاول تنظيم “الدولة” مباغتة فصائل المعارضة في جرود عرسال، والسيطرة على المنطقة والمخيمات فيها، واتخاذ اللاجئين السوريين دروعًا بشرية، والاستفادة المادية من المساعدات الإنسانية لهم.
ورجّح المصدر أن تتجه خطة التنظيم للتقدم من الجرود إلى بلدة عرسال والسيطرة عليها، استباقًا لعملية تسويات محتملة مع فصائل المعارضة فيها، بهدف خلط الأوراق مجددًا وإيجاد خطوط إمداد تنعش وجوده في الجرود وتوقف هجومًا عسكريًا محتملًا، قد ينتهي بطرد مقاتليه إلى الرقة.
لكن هجوم التنظيم الذي استمر نحو ثماني ساعات، وتمدد باتجاه الأطراف الشمالية لبلدة فليطة القلمونية، انتهى بالفشل، وقتل نحو 30 عنصرًا من مقاتليه بينهم قياديان، وفق مصادر لبنانية، أكدتها “هيئة تحرير الشام” و”سرايا أهل الشام”، الفصيلان اللذان تصدّا للهجوم.