أحمد الشامي
أكدت مواقع استخباراتية مؤخرًا وجود اتصالات إسرائيلية وأمريكية مع فصائل ثورية متواجدة على خط الفصل في الجولان. هذه الصلات تتعدى العون اﻹنساني إلى تقديم غطاء عسكري للعديد من الفصائل المتواجدة على حدود الاحتلال اﻹسرائيلي في الجولان. هذا التعاون يتم رغمًا عن أنف اﻷسد الذي يحاول إعادة تسويق نفسه على أنه خير حامٍ لحمى إسرائيل، مثله مثل زميله «اﻹلهي» في جنوب لبنان.
هل بمقدورنا أن نلوم هذه الفصائل التي تفضل «ملاءة» العدو اﻹسرائيلي على «سجادة» البراميل اﻷسدية؟
لكن، هل العدو هو من يحتل اﻷرض ويرفض الخروج دون ضمانات أو من يقتل ويسجن ويشرد مهددًا بالتدمير أو بالتقسيم أو بكليهما؟
هل العدو هو «اﻷمريكي» المختلف أو «اليهودي» ﻷنه يهودي أيًا تكن أفعاله ومواقفه؟ أو من يمارس القمع ويبيد السوريين بالجملة هو العدو المطلق أيًا تكن ديانته وطائفته؟
في محاولة اﻹجابة على هذا السؤال الذي تتجنبه النخب العربية تكمن أزمة العقل العربي فأكثرنا «رضع» العداء المطلق واﻷعمى للغرب ولليهود وإسرائيل لدرجة اعتبار «جارودي» عبقريًا لمجرد أنه رفض الاعتراف بالمحرقة.
إن كان «الآخر» عدوًا «مطلقًا» فحالة الحرب معه محتمة ولا صلح أو تعايش فإما هو أو نحن، في هذه الحالة تنعدم السياسة القائمة على مصالح متبادلة ومشروعة، ومتبدلة بتبدل الظروف، وينحصر الخيار بين الذئب أوالغنم ولا شيء بينهما.
هذه هي خلاصة الفكر المطلق والقيامي، التكفيري الداعشي، والبعثي والنازي واﻷسدي. «أنا» أو «الآخر».
هذا الفكر هو وصفة للدمار ولدوام المجازر ضمن ثنائية قاتل أو مقتول، لا مواطنة ولا إنسانية بل قتل وإفناء للآخر لمجرد كونه مختلفًا بالدين أو الطائفة.
تجاوز هذه الثنائية العدمية يقتضي التعامل مع الآخر وفق أفعاله وسلوكه وليس وفق ديانته وأقواله بحيث نتوصل ﻷرضية مشتركة هي اﻹنسانية الجامعة ضمن الاختلاف والتمايز الذي يغني البشر مع احترام كرامة وحرية وخصوصية كل إنسان، هذه هي الغاية اﻷخلاقية اﻷسمى والمشتركة بين الديانات السماوية.
فقط من يقتل السوريين ويحرمهم الغذاء والدواء والحرية والكرامة هو «الذئب» وهو «العدو المطلق» أيًا تكن هويته وديانته.