الغابات في إدلب: زوال ما بين التجارة والعوز

  • 2014/01/26
  • 3:16 م

مالك عبد المجيد- إدلب

إن أهم ما يميز الطبيعة في محافظة إدلب –سابقًا- الوجود الكثيف للغابات والأحراش الزراعية، وقسم كبير منها له قدمه التاريخي.

هذا القدم التاريخي لم يشفع لها، إذ أصبحت هدفًا لكثير من المواطنين الذين يقومون بعمليات التحطيب وتحويلها إلى وقود للتدفئة والطبخ.

قطع الأشجار في إدلب أخذ شكلًا جائرًا وغير منظم، الأمر الذي ينذر بزوال عدد من الغابات عن خارطة المحافظة. وقد أصبحت الأحراش والأشجار الموجودة في مناطق جبل الزاوية    الضحية الأكبر لأعمال القطع، إذ يظهر فيها الأثر الأكبر لعمليات الاحتطاب ويمكن ملاحظة بقايا جذوع الأشجار الزائلة في تلك المناطق، والحال نفسه كان في قسم كبير من الغابات والأحراش المتواجدة على طريق دمشق- حلب الدولي، والذي يمر بمحافظة إدلب التي لم تكن أوفر حظًا هي الأخرى.

ولعل غلاء وندرة المحروقات، إضافة لارتفاع سعر أسطوانة الغاز، هو أبرز ما يدفع الناس للاحتطاب، وذلك لتعويض غياب وقود التدفئة والطبخ، إذ بلغ سعر أسطوانة الغاز لما يقارب 4000 ليرة سورية وثمن ليتر المازوت نوع نظامي 145 ليرة.

والجدير بالإشارة هنا أن أعمال التحطيب وصلت لأرقام قياسية خلال الأسبوعين الفائتين إبان الصراع بين فصائل المعارضة في إدلب، وذلك بسبب إغلاق الطرق لأكثر من أسبوعين وتأثيرها على حركة نقل النفط الخام من الآبار التي تسيطر عليها كتائب جيش الحر إلى داخل محافظة إدلب، حيث يعاد تكريره ليباع في السوق المحلي بكميات وأسعار تصل لـ 18 ألف للبرميل الواحد، ولكن الصراع أفقد هذه المادة من السوق وأوصل سعر البرميل لـ 28 ألف ليرة، علما أن سعة البرميل 220 ليتر.

من جهة أخرى فإن غياب السلطة أو الجهة التي يمكن أن تحمي الغابات، ساعد وبشكل كبير على انتشار عمليات الاحتطاب الجائر، كما يقول عبد الله، المهندس الزراعي الذي كان موظفًا في أحد الأحراش الزراعية بمحافظة إدلب، ويتابع في حديثه لعنب بلدي: «عمليات الاحتطاب الجائرة نشطت بالعام الأخير في المناطق المحررة أكثر من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، إذ لا قانون يحاسب، عمليًا لا أرقام دقيقة أو تقريبية لعدد الأشجار المقطوعة ولكن يمكن الإجمال بأن 50% من أشجار الغابات والأحراش قد زال».

يشار إلى أن قطع الأشجار لا يقف عند حد الحاجة والاكتفاء الذاتي فقط، بل تطور الأمر ليصبح تجارة يقوم بها كثير من الناس ممن يملكون سيارات نقل كبيرة، إذ يصل سعر الطن الواحد للخشب المُقطع إلى ما يقارب 18 ألف ليرة، وهذه التجارة لاقت رواجًا بسبب العوز والحاجة لدى الناس.

وتنتشر هذه التجارة في المناطق المحررة، لا سيما البعيدة عن تواجد الغابات والأشجار كما يقول محمد أحد بائعي خشب الأشجار المقطع في حديثه لعنب بلدي ويضيف: «نقطع الأشجار ومن ثم تقطعه وبعدها نقوم ببيعها وتوزيعها لأصحاب المحلات في المناط     ق البعيدة عن الأشجار المزروعة  بقيمة تتراوح بين 11 ألف إلى 14 ألف للطن الواحد بحيث نترك مجالًا للربح لأصحاب المحلات، علما أن تكلفة قطع الشجرة الواحدة يبلغ 600 ليرة نظرًا لاستخدامنا منشار كهربائي يعمل على البنزبن، وتكلفة نقله تعتمد على المكان ونوع السيارة المستخدمة ويمكن إجمالها ضمن محافظة إدلب بقيمة بين 5000-7000 ليرة لكل 3 طن تقريبًا».

هذه الأعمال غير المشروعة دفعت بالعديد من الأهالي والنشطاء لإطلاق حملات وتقديم شكاوى لدى عدد من القادة العسكريين في الآونة الأخيرة، وذلك لإيجاد حلول ولوقف استنزاف هذه الثروة الطبيعية.

وبهذا يُكشف الستار أمام فصل جديد من فصول ألم الشعب السوري ومن ذات المعاناة التي يطلق عليها «أمران أحلاهما مر».

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية