عنب بلدي – ريف حلب
تحتاج تربية النحل إلى معاملة حساسة، نظرًا للإجراءات الوقائية والأدوية اللازمة لها بشكل يومي، عدا عن صعوبة نقل الخلايا (بيوت التربية) إلى مناطق المرعى، وهذا ما افتقده النحالون في ريف حلب بشكل خاص والمدن السورية الأخرى بشكل عام في السنوات السابقة، نظرًا لتعدد مناطق النفوذ والمواجهات العسكرية بين الأطراف الفاعلة في المناطق.
في شباط من العام الجاري، قال رئيس “اتحاد النحالين العرب” في سوريا، إياد دعبول، إن إنتاج العسل انخفض في سوريا، نحو عشرة أضعاف بالمقارنة بين عامي 2011 و2017، في ظل الحرب التي تشهدها البلاد.
وأضاف أن إنتاج العسل الحالي يتراوح بين 300 و400 طن، بينما يصل استهلاك السوق المحلية بين 1000 و1200 طن، مشيرًا إلى أن سوريا كانت تنتج نحو أربعة آلاف طن سنويًا قبل اندلاع الاحتجاجات ضد النظام السوري، في آذار 2011.
التقت عنب بلدي أحد النحالين في شمال حلب، وتحدث عن الصعوبات التي يواجهونها في المنطقة، والوضع العام لهذا النوع من التربية، خاصة بعد تأمين المنطقة بشكل كامل من تنظيم “الدولة الإسلامية”.
صعوبة في التنقّل وقلة في المراعي
تنتشر المناحل في بلدات ريف حلب الشمالي والشرقي بشكل محدود وعلى نطاق ضيق قياسًا بالمحافظات الأخرى، إذ تعرضت في السنتين الماضيتين لأضرار كبيرة طالت مربيها، والأدوات اللازمة لها من خلايا ومواد أولية، على خلفية الأعمال العسكرية التي مرت بها المنطقة قبل انسحاب تنظيم “الدولة الإسلامية”.
بدأ المربي عبد السلام النعيمي حديثه لعنب بلدي عن الأوقات المناسبة لإنتاج العسل في المنطقة، إذ تختلف من مكان إلى آخر اعتمادًا على أزهار المزروعات المنتشرة في المنطقة، وخاصة الجيجان والحبة السوداء التي تنشط في شهري حزيران وتموز من كل عام.
وأشارإلى أمراض كثيرة تتعرض لها هذه “الثروة” في المنطقة، بدءًا من الأمراض المتعلقة بالتربية، والتي تهدده بشكل كبير، كمرض “القراض”، الذي يطال أجنحة النحل ويعيقها عن الطيران، إلى جانب المبيدات الكيماوية التي يرشها المزارعون في المنطقة، التي قتلت نسبة كبيرة من الثروة النحلية في مناطق ريف حلب.
عدا عن ذلك، كان لصعوبة نقل الخلايا الأثر الأكبر على إنتاج موسم العسل، وفق النعيمي، فـ “تربية النحل محصورة بين مناطق الريف الشمالي فقط، وهناك استحالة في نقل الخلايا إلى المناطق التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، أو مناطق تنظيم الدولة، بعد أن كانت الوجهة الرئيسية لمربي النحل في المنطقة قبل الثورة السورية”.
“غرفة النحالين” لتقديم الدعم
في ذات السياق تفتقر هذه التربية في الشمال الحلبي، بحسب النعيمي، إلى منظمة أو نقابة ترعى الإنتاج، وتؤمّن لها المستلزمات والنصائح المرتبطة بعملها، مشيرًا إلى أنواع متعددة من النحل تنتج كميات مضاعفة من العسل، ومن اللازم وجود “جامع لهذه التربية والأصناف لزيادة العمل والإنتاج والحفاظ عليها من الاندثار”.
إلا أن غرفة للنحالين تشكلت في بلدة دابق بريف حلب الشمالي مطلع نيسان 2017 الجاري، حملت اسم “غرفة النحالين الأحرار فرع مدينة حلب”، وعقد الاجتماع التأسيسي الأول لها في الأيام القليلة الماضية، وتم فيه انتخاب رئيس ونائب لها، إضافةً إلى أمين سر ومدير للعلاقات العامة.
تحدثت عنب بلدي مع عضو الغرفة، محمد المرعي، وأوضح أن “الهدف من الغرفة هو تعاون النحالين وتعارفهم مع بعضهم بعض، والاستفادة من خبرتهم، إضافةً إلى طرح المشاكل التي يعانون منها”.
وتم انتقاء الأعضاء بحسب المرعي، “اعتمادًا على خبرتهم في هذا النوع من التربية من مهندسين زراعيين وخبراء اختصاصيين”.
وتسعى “الغرفة” إلى تقديم الخدمات لمربي النحل في ريفي حلب الشمالي والشرقي، وإقامة ندوات علمية وعملية تطرح فيها المشاكل، وتعرض فيها أساليب تربية النحل.
كما تهدف إلى “تطوير المهنة، وتطوير طرق التعامل معها بهدف زيادة إنتاج ريف حلب من العسل”.