بعد أن كانت فرصةً للراحة
“صراع الأجندات” يلقي بظلاله على عطلة درعا الصيفية
عنب بلدي – درعا
رغم أن الموسم الدراسي في مناطق سيطرة المعارضة في محافظة درعا يشهد كثيرًا من العثرات، إلا أن ذلك لم يمنع الطلاب من انتظار العطلة الصيفية، فسواء اقتصرت مدارسهم على الخيم، أو تعطل الدوام نتيجة تصعيد قوات الأسد، أو تقلصت ساعات الدراسة لتحول المدارس إلى مأوىً للنازحين، إلا أن الشعور بعدم الحاجة إلى الاستيقاظ صباحًا للدوام، ومتابعة الدراسة والامتحانات بشكل مستمر، يجعل من العطلة الصيفية فترة للراحة.
لم تعد العطلة الصيفية كما كانت، فمع غياب الدور الفعال للأنشطة الترفيهية، والمراكز الشبابية، وفي ظل انتشار ظاهرة التجنيد والدورات العسكرية التي تقوم بها الفصائل العسكرية مختلفة التوجه، باتت العطلة الصيفية تؤرّق الأهالي أكثر من أي وقت سابق، وسط مخاوف أن تشكل حالة الفراغ دافعًا للطلاب، نحو نشاطات أو فعاليات لا تناسب أعمارهم أو رغبات ذويهم.
عنب بلدي رصدت هذه المخاوف، فعبّر الأستاذ أدهم الزعبي، وهو مدرّسٌ في المرحلة الإعدادية، عن قلقه من تراجع أعداد الطلاب مع غياب الحافز للدراسة، موضحًا “غياب إمكانية استكمال الدراسة الجامعية، إلا في جامعات النظام، ومع غياب كثير من المقومات الأساسية في المناطق المحررة، باتت الدراسة لا تشكل حافزًا للطلاب، مع توجه الكثير منهم نحو مجالات وأعمال أخرى”.
وشكلت هذه الحالة تحديًا للمدرسين، لتحفيز الطلاب على استكمال دراستهم رغم المعوقات، ويضيف المدرّس “بشكل دائم، نحاول تذكير الطلاب بأهمية الدراسة وأن المستقبل متاح أمامهم، لتجاوز الإغراءات أو المعوقات التي تدعوهم لترك المدرسة”.
وبحسب المدرّس فإن العطلة الصيفية، التي تتجاوز ثلاثة أشهر، تحدث انقطاعًا في هذا التوجه التربوي، فـ “هنا يجب أن يظهر دور العائلة، لتواصل توجيه ومراقبة الطالب خلال هذه الفترة”.
وعن الحلول المقترحة في هذه العطلة، يوضح المدرس أن الأهل والطلاب يجب أن يكونوا مشجّعين للمنظمات لتكثيف دوراتها وأنشطتها التعليمية والترفيهية، موضحًا “هناك بعض المنظمات والمراكز المخصصة للدورات التعليمية والترفيهية، سواء في تعلم الحاسوب أو اللغات أو الرياضات المختلفة، وضعف المقبلين على هذه الدورات يقلل من عددها”.
القائمون على المساجد والمعاهد الشرعية، وجدوا في تزامن العطلة الصيفية مع شهر رمضان، فرصة لتعزيز دور المساجد لدى شريحة الطلاب، بشكل أكبر، بحسب ما أوضحه أبو العباس الشقران، مدير معهد لتحفيظ القرآن في بلدة طفس، “المساجد أيضًا لها دورها في الحفاظ على الطلاب، سواء عبر حلقات تحفيظ القرآن، أو النشاطات التربوية ضمن المساجد، وخلال العام الحالي والأعوام الفائتة، تزامنت العطلة الصيفية مع شهر رمضان، وهو ما منحنا فرصة أكبر في الدروس الدينية والتربوية”.
وعن مدى إقبال الطلاب على المساجد، يوضح مدير المعهد “إقبال جيد جدًا، خاصة مع حرص الكثير من الأهالي على توجيه أبنائهم نحو المساجد المحلية، لقطع الطريق على بعض الجهات التي تسعى لتجنيد الفتيان، بأفكار مغلوطة”.
وحول النشاطات التي توفرها هذه المعاهد، اعتبر الشقران أن الأعوام الفائتة منحت “معاهد المساجد” المزيد من الخبرة في التعامل مع العطلة الصيفية، مضيفًا “نحن لا نقيم فقط حلقات الدروس الدينية، أو حلقات تحفيظ القرآن، بل ننظم دورات رياضية ومسابقات للطلاب، وفي بعض الأحيان رحلات وأنشطة خارج المسجد، حتى يشعر الطالب أن العطلة الصيفية وفرت له الراحة أيضًا”.
سواء عبر الأنشطة الترفيهية أو الرياضية، التي تقدمها المؤسسات المحلية والمساجد في محافظة درعا، أو عبر توجه الطلاب للعمل لمساعدة ذويهم واكتساب خبرات حياتية، يبدو أن الفعاليات المحلية تعمل لقطع الطريق على من يبحث عن استغلال فراغ الطلاب وتوظيفهم لأجنداته.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :