يستوجب بناء الذات الثورية، برأي الكاتب والمؤلف الإيراني د. علي شريعتي، الاعتراف بأن الإنسان صاحب دور في مسيرته التاريخية، وفي تغيير نظامه الاجتماعي.
فالإنسان ليس وليد بيئته، بل يستطيع أن يكون من صنع نفسه، أي أن يكون شريكًا في بناء ذاته، ويستطيع أن يغير نفسه بالعمل في حقل ذاته إلى الإنسان الذي يريد، ويقترح في كتابه هذا (بناء الذات الثورية) وصفة ثلاثية تعتمد على العبادة والعمل والنضال الاجتماعي.
ويعتقد بأن الإنسان لا يستطيع أن يبقى مخلصًا وصادقًا في ثورة اجتماعية حتى النهاية، ووفيًا لها، إلا إذا كان ثوريًا قبلها ومتناسقًا معها.
ويعتبر شريعتي أول خطوة في بناء الذات أن نقوم دائمًا بتقوية هذا الهاجس، أو الخوف الداخلي في ذواتنا من أن نسقط فريسة «الاغتراب عن الذات».
ويرى أن أعظم مصائب الاغتراب عن الذات هي التقليد، وعندها يسجن المرء في أطر حددت في غيبة منه، وعلى الإنسان هنا أن يتحرر ذاتيًا من الخضوع لأي ظالم أو صنم، أو الركون لجهله دونما عمل، ويحثه مرة ثانية على وصفته الثلاثية (العبادة، العمل، النضال الاجتماعي).
يجد شريعتي أن هناك أربعة سجون تضغط بجدرانها على الإنسان، فالطبيعة هي السجن الأول، ويتحرر الإنسان منه بمعرفة العلوم الطبيعية، بينما يعتبر أن حتمية التاريخ هي السجن الثاني، ويتخلص الإنسان منه من خلال كشف قوانين التاريخ وتطوره.
بينما يأتي النظام الاجتماعي والطبقي ليضغط بدوره كسجن ثالث على الإنسان، ويتحرر منه من خلال إيمانه بأيديولوجية ثورية تحثه على النضال الاجتماعي، بينما السجن الرابع فيتجلى بسجن النفس، فإما تهبط ويهبط معها مجتمعه بأكمله، ويتحول الإنسان إلى شبيه بالطفيليات، أو تسمو هذه النفس وترتقي بالإنسان مصاف الأنبياء، ويغير واقعه للأفضل.
ويشير المؤلف إلى التعاليم الدينية التي ترفع من شأن الإنسان، والحكمة من فرضها، والطرق الاجتماعية لتفعيلها عمليًا وصولًا إلى نضال ثوري شامل، إذ يرى أنه بوصول الإنسان إلى سن التكليف، فإنه يؤمر بمسؤولياته الفردية، كالصوم والصلاة، التي تركز على بناء الذات، وفي الوقت نفسه يؤمر بمسؤولياته الجماعية، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي تشكل رسالته الاجتماعية والسياسية.