“مثلث البادية” يشعل السباق إلى دير الزور

  • 2017/05/14
  • 12:24 م
خريطة السيطرة العسكرية في المنطقة الشرقية من سوريا - 13 أيار 2017 (عنب بلدي)

خريطة السيطرة العسكرية في المنطقة الشرقية من سوريا - 13 أيار 2017 (عنب بلدي)

عنب بلدي – خاص

بدأت قوات الأسد والميليشيات الرديفة الزحف نحو معبر “التنف”، على الحدود العراقية، بعد تأمينها “مثلث البادية”، الذي يعتبر عقدة الوصل بين بغداد والأردن ودمشق، في البادية السورية، الجمعة 12 أيار.

وتمثل المنطقة منطلقًا للمعارك المحتملة في محافظة دير الزور، التي تزحف نحوها قوىً مختلفة بدعم دولي وإقليمي، ما يعني صدامًا مع فصائل “الجيش الحر” في المنطقة.

وتقدمت القوات لتسيطر على “مثلث ظاظا”، ويقع شرق منطقة “السبع بيار”، وصولًا إلى “تلول المحدد” التي أحكمت قبضتها عليه، وسط استمرار الاشتباكات والقصف المتبادل بين الأطراف المتنازعة في المنطقة.

التقدم جاء بعد أن بدأ “جيش أسود الشرقية”، و”لواء شهداء القريتين”، المنضويان تحت راية “الجيش الحر”، هجومًا ضد تجمعات النظام، في منطقتي السبع بيار وظاظا، الثلاثاء 9 أيار، بعد يومين من وصول قوات النظام إليها.

إلا أن سيطرة الأسد على “مثلث ظاظا”، الذي يفصل ريف حمص الشرقي عن ريف دمشق الشرقي، والتقدم إلى “المحدد”، شرق المثلث، أمّنت العقدة التي تربط الطرق الدولية للعراق والأردن ودمشق لمصلحة النظام.

ويضع النظام بشكل صريح معبر “التنف” هدفًا لمعاركه، وسط حملات لمؤيديه تروّج لوصل مناطق سيطرته مع الحدود العراقية.

وقال سعد الحاج، عضو المكتب الإعلامي في “جيش أسود الشرقية”، في حديثٍ إلى عنب بلدي، إن المشهد الحاضر “يتمثل بتحركات مد وجذرٍ وقصف متبادل”.

واعتبر أن “طبيعة معارك البادية تفرض التحرك بهذا الأسلوب”، مشيرًا إلى أنه “نادرًا ما يكون هناك التحام مباشر مع النظام إلا في حال الاقتحام”.

تستعد فصائل المعارضة للجم قوات الأسد في المنطقة، بحسب الحاج، الذي أوضح “نحن بصدد العمل على تلك المنطقة”، إلا أنه لم يتحدث عن تفاصيل أخرى “باعتبارها خططًا عسكرية”، متمنيًا “ألا يكون مشروع وصول النظام إلى التنف من خلالنا، وسنحاول منعه بشتى الوسائل”.

وكانت الفصائل سيطرت في 20 من نيسان الماضي، على منطقة العليانية، شرق “الكتيبة المهجورة”، وإلى الشمال من المثلث، بينما يُحكم النظام سيطرته على كسارات غريبة ومطار السين، وصولًا إلى مطار الضمير والعتيبة، إلى الغرب من مناطق المعارضة ونقاط انتشار التنظيم الحالية.

وحققت فصائل غرفة عمليات “الحماد السوري” تقدمًا، ضمن المرحلة الثالثة من معركة “سرجنا الجياد لتطهير الحماد”، على حساب تنظيم “الدولة الإسلامية”، نيسان الفائت، وحدّدت أهداف المعركة بفتح الطريق إلى منطقة القلمون الشرقي، المحاصر من قبل قوات الأسد والتنظيم.

إلا أن التقدم الأخير لقوات الأسد، يقف عائقًا أمام سعي “الجيش الحر” للسيطرة على البادية كاملة، ويُعقّد الأمور خاصة أن امتداد الريف الشرقي للسويداء، وصولًا إلى منطقة “التنف” الحدودية مع الأردن، بات تحت وصاية الولايات المتحدة وبريطانيا والأردن، إذ تدعم تلك الدول فصائل في “الجيش الحر”، ضد التنظيم وصولًا إلى البوكمال في دير الزور، لـ “تطهير” كامل الشريط الحدودي مع الأردن من التنظيم.

كما تشير المعطيات الميدانية إلى أن هذه القوى تؤسس لاستدامة وجودها في المنطقة، من خلال إنشاء قاعدة عسكرية تديرها قوات بريطانية وأمريكية في التنف، إلى جانب حديث أردني عن تأسيس قاعدة جوية مجاورة.

أربع قوى تتسابق إلى دير الزور

أشهر حاسمة تنتظرها عاصمة المنطقة الشرقية في سوريا، دير الزور، وسط سباقٍ بين قوىً محلية وإقليمية لطرد تنظيم “الدولة الإسلامية” منها.

وفي وقتٍ تحاول الدول المؤثرة تجميد المعارك بين النظام والمعارضة، تدعم تحركات لتقليص مساحة التنظيم، الذي يسيطر على نحو 40% من الأرض السورية.

تحرّك سريع لـ “الجيش الحر”

في تحركٍ سريع قطع مقاتلو “الجيش الحر” مساحات واسعة في البادية السورية، وتمكنوا من دخول الحدود الإدارية لدير الزور، من جهة الجنوب، بالتوازي مع الشريط الحدودي العراقي.

ويأتي التقدم بعد معارك لفصائل “الحر” في البادية، تحاول من خلالها فك الحصار عن القلمون الشرقي، وأبرز الفصائل في المنطقة هي: جيش أسود الشرقية، قوات الشهيد أحمد العبدو، جيش مغاوير الثورة، جيش أحرار العشائر، وجيش سوريا الجديد.

وتتلقى الفصائل دعمًا من غرفة عمليات تنسيق الدعم (موك)، والتي تشمل الأردن والسعودية وبريطانيا والولايات المتحدة.

وترددت أنباء عن دخول مباشر لقوات برية أردنية وبريطانية وأمريكية في معارك المنطقة، إلا أن محللين عسكريين رجحوا اقتصار الدعم على الاستشارات والتخطيط والتدريب، وتقديم سلاح قادرٍ على إمالة الكفة لصالح الفصائل.

وإلى جانب التحرك الميداني، تطمح فصائل من “الحر”، لدخول المعركة قادمة من شمال حلب، فأعلنت في آذار الماضي، الانضواء في مجلس دير الزور العسكري، بهدف “تحرير” المحافظة من تنظيم “الدولة” والنظام السوري، و”قوات سوريا الديمقراطية”.

قوات الأسد تحاول قطع الطريق

بدورها تحاول قوات الأسد قطع الطريق على فصائل “الجيش الحر”، بالسعي إلى السيطرة على طريق دمشق- بغداد، وكبح أي تقدم من البادية باتجاه الدير.

وأطلق مناصرو النظام السوري، في الأيام القليلة الماضية، حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحت عنوان ” “lavender to Deir ez-Zorمرفقة بخرائط لخطة قوات الأسد التقدم إلى المحافظة.

واستبق النظام العمليات، بالإعلان عن تشكيل “حشد الجزيرة والفرات” من دمشق، نهاية العام الماضي، وقال حينها إن أبناء المنطقة الشرقية بدأوا الحراك لطرد تنظيم “الدولة”.

ومايزال النظام السوري يحتفظ بمسمار في قلب مدينة دير الزور، إذ يسيطر على ثلاثة أحياء هي الجورة والقصور وهرابش، إلى جانب المطار العسكري، وهو محاصرٌ في هذه المناطق من تنظيم “الدولة” ويعتمد على الإمداد الجوي الروسي.

“قسد” داخل دير الزور

تمكنت “قوات سوريا الديمقراطية”، المدعومة أمريكيًا، من دخول الحدود الإدارية لدير الزور، من الجهة الشمالية الغربية، في إطار عملياتها لعزل تنظيم “الدولة” في مدينة الرقة.

وتضم القوات، التي تشكل الوحدات الكردية عمادها، مقاتلين من دير الزور، ينضوون في مجلس دير الزور العسكري وقوات النخبة التابعة للمعارض السوري أحمد الجربا.

وشكّل انتخاب رياض درار، المنحدر من دير الزور، رئيسًا مشتركًا لـ “مجلس سوريا الديمقراطية” في شباط الماضي، مؤشرًا إضافيًا لتوجه القوات في المحافظة.

وقال درار في وقت سابق لعنب بلدي إن “دير الزور مرحلة ثانية بعد تحرير الرقة”، معتبرًا أن “وجود النظام في المدينة يدعو إلى عملية التحرير، التي ستكون بالتعاون مع أبناء العشائر العربية”.

لكن محللين عسكريين يستبعدون دخول القوات كرأس حربة في معارك الدير، لسببين رئيسيين: انشغالها بمعارك الرقة التي يتوقع أن تتحول إلى حرب استنزاف طويلة، وللحساسية العربية- الكردية في المنطقة.

عراقيون إلى سوريا

وقال القائد العسكري في ميليشيا “الحشد الشعبي” العراقي، كريم النوري، إن المعارك مع تنظيم “الدولة” ستنتقل إلى داخل الحدود السورية قبالة البوكمال.

جاء ذلك في تصريح لصحيفة “الحياة” اللندنية، نهاية نيسان الماضي، وأوضح أنه بعد “تحرير البغاج والقيروان (غرب الموصل) نكون فتحنا خطًا كاملًا نحو سوريا، وأكملنا سيطرتنا على أهم طرق إمداد داعش ومحاصرته في الموصل”.

ويبدو أن الحشد يريد تثبيت نقاط تدعم النظام السوري في المحافظة، لتلاقي مصالح الجانبين المدعومين من طهران، وهو ما أكده القيادي في “الحشد” ورئيس منظمة بدر، هادي العامري، بالقول “الحكومة السورية، برئاسة بشار الأسد، وجهت دعوة لقيادات الحشد لدخول سوريا بعد إكمالها تحرير العراق”.

وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أصدر مطلع آذار الماضي، أوامر لقواته بضرب مواقع التنظيم داخل سوريا، وقال “وجهنا أوامرنا لقيادة القوة الجوية بضرب مواقع الإرهاب الداعشي، في حصيبة، وكذلك في البوكمال، داخل الأراضي السورية، والتي كانت مسؤولة عن التفجيرات الأخيرة في بغداد”.

ينظر إلى دير الزور باعتبارها مكسبًا استراتيجيًا كبيرًا، فمن يسيطر عليها يمسك بزمام عقدة المنطقة الشرقية في سوريا، ويرفد خزينته بثروة نفطية كبيرة، ويثبّت نقاطًا على خط طهران- دمشق.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا