سوريا تدخل مرحلة القضاء على التنظيم
براء الطه
مع مرور الوقت، وزيادة تدخل اللاعبين الكبار في الساحة السورية، تصبح الصورة ومجريات الأرض والسياسة أكثر وضوحًا من ذي قبل، وذلك على عكس ما يتوقع كثير من قرّاء المشهد السوري.
كما كان متوقعًا، فإن القصف الأمريكي على قاعدة الشعيرات العسكرية لم يكن إلا من أجل ضبط إيقاع العمليات وتحديد اتجاهها بشكل واضح وإعادة رسم الخطوط الحمراء لأي عمل عسكري سوري، عبر تقديم إثبات عملي بجدية التهديد الأمريكي للقوات السورية، في حال فكرت بالخروج عن الاتفاق الدولي، وبتنسيق دولي ضم الجانب الروسي الذي تم إخطاره بالضربة مسبقًا.
تحركات عسكرية وسياسية تبين التناغم الدولي الذي بيّنته الصور المسربة عن لقاء وزير الخارجية الروسي والرئيس الأمريكي، والتمثيل الدولي الواسع في أستانة، وما حمله في نتائجه من ضبط إيقاع العمليات العسكرية، والتي بطبيعة الحال ستكون ممهدة لعملية سياسية شاملة.
ثم تصريح وزارة الدفاع الروسية إبان اجتماع “أستانة 4” بضرورة توجه قوات النظام والقوات الرديفة إلى دير الزور، ودخول فصائل المعارضة المدعومة أمريكيًا وبريطانيًا الى الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور، بهدف تقليص مساحة سيطرة تنظيم الدولة إلى الصفر “سوريًا”.
لكن هذا سيحتاج إلى مزيد من الوقت فرغم كل التصريحات والتحركات التي توحي باقتراب طرد التنظيم من محافظة دير الزور، إلا أنها لن تكون قبل النصف الأول من العام المقبل، فيما يجري تنظيف البادية الممتدة من الحدود الأردنية السورية إلى مناطق الريف الشرقي لحلب وتحديدًا مسكنة.
وبذلك يكون الاتفاق الأخير في أستانة على مناطق “خفض التصعيد” استكمالًا للتحركات الدولية، التي تهدف إلى زيادة وتيرة الحرب على المجموعات المصنفة “إرهابية”، وفي مقدمتها تنظيم “الدولة”. كما يساعد النظام على التقليل من الوجود العسكري السوري في مناطق “وقف التصعيد”، للاستفادة منه في مناطق المواجهة مع التنظيم وذلك ينطبق على كل “أدوات الصراع” الحالية ومنها قوات المعارضة.
تقسيم النفوذ الدولي سيراعي أيضًا الخطوط النفطية الممتدة بين سوريا والعراق في شقه الاقتصادي، حيث توجد قوات المعارضة اليوم على بعد يصل إلى17 كيلومترًا من محطة “T2” النفطية، النقطة الوحيدة الواصلة بين محطة “T1” العراقية بخط نفط قطره 48 إنشًا، لإيصال النفط العراقي إلى المصافي والموانئ السورية.
يشار إلى أن قوات المعارضة تبعد عن ريف دير الزور الشرقي مسافة تصل إلى قرابة60 كيلومترًا جنوبًا، وهي مسافة سرّعت حركة قوات النظام والقوات الرديفة نحو دير الزور ونحو إمساك نقاط حيوية في البادية السورية، ومنها السبع بيار انطلاقًا من الضمير في ريف دمشق والسيطرة عليها، محققة عدة أهداف بذلك أهمها تأمين طريق دمشق- تدمر، مرورًا بمطار السين، وذلك بعد أن تتم السيطرة على مفرق البصيري، الذي يتمتع بموقع استراتيجي ويشكل عقدة وصل مهمة.
وبذلك تكون القوات الموجودة في تدمر رأس مثلث، قاعدة الإسناد فيه مطارا الطياس والسين، وتمنع تكوين عمق حيوي لقوات المعارضة الموجودة في القلمون عن طريق الحدود السورية الأردنية.
ويعد تقدم النظام خطوة استراتيجية، نظرًا لما تشكله المنطقة من أهمية تمكّن من يسيطر عليها من الضغط باتجاه عدة مناطق أهمها دمشق والحدود السورية اللبنانية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :