خزينة النظام تنتظر ملايين الدولارات
اللاجئون السوريون مضطرون لشراء أغلى وأسوأ جواز في العالم
عنب بلدي – مراد عبد الجليل
فرض النظام السوري رسومًا جديدة على اللاجئين السوريين في دول الشتات، برفع كلفة استصدار وتجديد الجوازات من ممثلياته، فأصبحت تكلفة استصدار جواز جديد ضمن نظام الدور 300 دولار أمريكي، في حين يبلغ استصداره بشكل مستعجل خلال ثلاثة أيام 800 دولار.
الرسوم الجديدة باتت عبئًا على جيب اللاجئ السوري، الذي يضطر إلى تجديد واستصدار الجواز من القنصليات التابعة للنظام، بعدما فشلت المعارضة السورية في استصدار الجوازات وإقناع دول العالم بالاعتراف بها.
ومع ارتفاع تكاليف الرسوم واجه السوريون في بعض الدول، مثل تركيا، صعوبات في حجز مواعيد من القنصلية، وسط انتشار السماسرة الذين رفعوا أجرة حجز الدور ليصل إلى 200 دولار إضافية.
قرارات أثقلت كاهل اللاجئين
تساؤلات كثيرة حول الأسباب التي دفعت النظام إلى رفع الرسوم، فالبعض أرجعها إلى الانتقام من السوريين والتضييق عليهم، خاصة الذين يتعاملون مع مؤسسات المعارضة أو منظمات المجتمع المدني، لكن الغالبية أرجعت السبب إلى حاجة النظام للأموال، ورفد خزينته بالعملة الصعبة (الدولار) بعد تدهور الاقتصاد السوري.
وأصدر النظام السوري عدة قرارات بخصوص الجواز، على مدى العامين الماضيين، كان الهدف الأساسي منها جمع الأموال.
في عام 2015، ألغى النظام “الموافقة الأمنية” كشرط للحصول على الجواز، رغم أن غالبية السوريين في الخارج مطلوبون أمنيًا للنظام، مستغلًا حاجتهم للجواز من أجل تثبيت وجودهم في الدول.
لكنه أرفق القرار برفع رسوم الجواز، إذ أصدر رئيس النظام، بشار الأسد، في نيسان 2015، مرسومًا نص على رفع الرسم القنصلي لمنح جواز السفر للسوريين المقيمين بالخارج بنسبة 100% ليصبح 400 دولار بدلًا من 200 دولار، كما حدّده بـ 200 دولار لتجديد الجواز أو تمديده.
القرار دفع الآلاف، ممن خرجوا من سوريا عبر طرق التهريب إلى الدول المجاورة، إلى التهافت على القنصليات لاستخراج جوازاتٍ تثبت هويتهم، ما يعني أن أغلب السوريين خارج البلاد باتوا يملكون جوازات سفر، ويحتاجون لتجديدها كل عامين بدفع 200 دولار.
إلا أن النظام عاد ليصدر، في نيسان الماضي، قرارًا بمنع تمديد الجواز باللصاقة المعمول بها منذ سنوات، وحصر المواطن استخراج جواز جديد ضمن نظام الدور بـ 300 دولار، وبشكل فوري ومستعجل بمبلغ 800 دولار أمريكي.
ملايين الدولارات لخزينة النظام
ورغم غياب إحصائيات رسمية من مديرية الهجرة والجوازات، حول عدد الجوازات الصادرة من القنصليات أو قيمة استخراجها العام الحالي، إلا أن الإدارة قالت، بحسب صحيفة “الوطن”، المقربة من النظام، في آذار 2016، إن “عدد الجوازات التي منحت وجددت للمغتربين السوريين بلغت أكثر من 50 ألف جواز خلال ثلاثة أشهر”، أي بمعدل 200 ألف جواز في 2016.
وفي حال قرر السوريون استخراج جوازاتهم عن طريق نظام الدور، فإن خزينة النظام سترفد كحد أدنى بـ 60 مليون دولار سنويًا، باستثناء قيمة استخراج الجوازات المستعجلة، ودون الأموال التي يدفعها اللاجئون لتصديق الوثائق الصادرة من القنصليات، وسط دراسة مشروع قانون جديد من قبل رئاسة حكومة النظام بزيادة أسعارها.
تخوف من إجراءات إضافية
ويتخوف السوريون من عدم التزام قنصليات النظام بالوقت المحدد لاستخراج الجواز عن طريق الدور، وهو بين عشرة أيام و21 يومًا.
ففي حديث لعنب بلدي، أعرب أسعد درويش، اللاجئ في تركيا، عن تخوفه من أن “تماطل” سفارات النظام في منح الجواز ضمن نظام الدور، لإجبار اللاجئين على استخراج الجواز عبر النظام المستعجل ودفع 800 دولار، خاصة وأن إقامته تنتهي بعد شهر وهو مضطر لاستخراج جواز جديد.
وإلى جانب زيادة أجرة الرسوم ازدادت أسعار السماسرة من أجل حجز موعد في القنصلية باسطنبول، بحسب درويش، وأكد أن حجز الدور على موقع القنصلية بات صعبًا، ما اضطره للجوء إلى أحد السماسرة الذي يتعامل مع موظفي القنصلية، لكنه فوجئ بطلبه 200 دولار للموعد، بدلًا من 250 ليرة تركية المتعارف عليها قبل صدور القرار الأخير.
في حين طلب سمسار، تواصلت معه عنب بلدي في لبنان، مبلغ 550 دولارًا من أجل الحصول على جواز من قنصلية النظام، أما في باقي الدول (مصر والأردن) فإمكانية حجز الدور يسيرة، بحسب ما قال مواطنون لعنب بلدي.
النظام يبرّر
وبررت إدارة الهجرة والجوازات التابعة للنظام السوري بأن سبب إلغاء “لصاقة تمديد” الجوازات هو “التزوير”.
وقال مدير إدارة الهجرة والجوازات، ناجي النمير، لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، 30 نيسان، إن “سبب الإلغاء هو حصول عمليات تزوير اللصاقة خارج سوريا، وتشديد بعض سلطات الهجرة في دول العالم على صحة اللصاقة وعدم الاعتراف بها أحيانًا، ما أدى لتأخير الكثير من السوريين في المطارات”.
وأضاف النمير أنه “لم يلغَ تجديد جوازات السفر، بل مازال بإمكان المواطنين تبديل جوازاتهم أو الحصول على جواز سفر جديد بالطريقة التقليدية”.
الجواز الأغلى والأسوأ في العالم
استخراج الجواز السوري أصبح الأغلى في العالم، وبحسب تقريرٍ لموقع “Worldatlas” المتخصص، في 24 آذار الماضي، فإن الحصول على الجواز التركي كان الأغلى، بمبلغ 251 دولارًا، ليأتي الجواز السوري قبله بـ 300 دولار، في حين تأتي أستراليا ثالثةً بـ 206 دولارات، سويسرا 159، المكسيك 155، أمريكا وإيطاليا 135، كندا 133، اليابان 115، نيوزيلندا 115، بريطانيا 110 دولارات.
كما صنف الجواز السوري ضمن الأسوأ في العالم بعد ست سنوات من الحرب، إذ احتل المرتبة الرابعة كأسوأ جواز في العالم، بحسب موقع “Passportindex” المتخصص.
ويمكن لحامله الدخول إلى 30 دولة فقط، بعد كل من جواز السفر العراقي (28)، والباكستاني (27) والأفغاني (24).
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :