الإنسان المهدور…
عنب بلدي – العدد 99 – الأحد 12/1/2014
يأتي هذا الكتاب تطويرًا وتعميقًا لبحث سبقه في «التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجيا الإنسان المقهور» لمؤلفيهما د. مصطفى حجازي، والمقصود بالبحث هنا إنسان العالم العربي الذي تتفق الأدبيات على وصفه بـ «المأزقي كيانيًا».
يؤكد الكاتب على ثلاثية (الاستبداد، العصبيات، الأصوليات) وتضافرها، وكذا تأثيرها على الإنسان، في ظل عالم حالي، ومستقبل يميزه أنه قريب متسارع، فلا يبقى شيء في كافة الميادين على حاله، فكل شيء في تطور مستمر، وانعدام التأكد في ظل انتهاء عهد اليقينيات، كما يرى الكاتب أن هناك مأزقًا بنيويًا حقيقيًا في عالم الهدر الفكري يجعل التحريم والتجريم والحجر والتطفيل قوى تتوالد وتعيد إنتاج ذاتها في الممارسة الفعلية، وإذ لم يتم التصدي لهذه الممارسات وتغييرها من أساسها، ستظل ازدواجية الشعارات والممارسة سلطانة زمانها.
يتألف الكتاب من مقدمة وثمانية فصول، وينتهي كل فصل بجملة المراجع المعتمدة، يتحدث في الفصل الأول عن محددات الهدر الإنساني، وتجلياته ومستوياته باعتباره مرضًا كيانيًا، في حين يتناول الفصلان الثاني والثالث عنصري ثالوث الهدر وهما العصبيات والاستبداد، لتنتشر ثقافة الولاء بدلًا من ثقافة الإنجاز كعامل أساسي في الهدر بمستوييه الداخلي والخارجي، كما يسلط الضوء على الاستبداد الداخلي، والذي يتجلى من خلال التحكم الناعم والتجميل والترغيب للمستبد على اختلاف سلطته، وينوه في الفصل الرابع إلى الاعتقال، كشكل من أشكال الهدر، مركزًا على سيكولوجيا الجلاد، وطرق التعذيب، والصدمات التالية للتعذيب، ليتناول في الفصلين الخامس والسادس موضوعي الهدر الفكري، وهدر الوعي والطاقات والانتماء لدى فئة الشباب من خلال انتشار العولمة والتهميش لدور الشباب، وصولًا إلى مستوى رضاعة التسلية والهدر لدى هؤلاء الشباب، ويركز أن الثورة الفكرية يمكن أن تتجلى بالاعتماد على ثلاثية (سلطان العقل محل سلطان الغيب، ثم إحكام منطق العقل، متوجة بانطلاق العقل اللامحدود)، بينما خصص الفصل السابع للحديث عن الهدر الوجودي في الحياة اليومية، ويرى الكاتب أن كثيرًا من أشكال الهدر الخاص تعتبر تجسيدًا للهدر العام، ويطرح أمثلة تفشي الجريمة والمخدرات والدعارة والبطالة والتصدع الأسري والعنف ضد المرأة والأطفال، كلها اعتبرها حالات تجسد الهدر اليومي وصولًا إلى الهدر العام، ويحلل الكاتب في الفصل الثامن الديناميات النفسية للإنسان المهدور ودفاعاته، من خلال عرض المستوى الذاتي، ثم استعراض الآليات الدفاعية، ويختم الباحث بحثه بفصله الأخير بكيفية مجابهة الهدر، من خلال التركيز على كفاءات الإنسان، والاعتماد على علم النفس الإيجابي، والالتزام بقضية وجودية كبرى تملأ الكيان الإنساني.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :