عنب بلدي – العدد 98 – الأحد 5/1/2014
سلّمت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» جثة الطبيب حسين سليمان القيادي في حركة «أحرار الشام» وعليها آثار تعذيبٍ شديد، ما أشعل فتيل التوتر بين «الدولة» من جهة والفصائل المقاتلة في الشمال السوري، حيث أعلنت بعض الفصائل قتال «الدولة»، فيما طالبتها فصائل أخرى بالانسحاب وتسليم أسلحتها للجبهة الإسلامية أوالجيش الحر.
- «أبو ريان» مقتولًا
وقامت «الجبهة الإسلامية» بعملية تبادل للأسرى مع تنظيم «الدولة» يوم الثلاثاء 31 كانون الثاني، فتسلمّت جثة القيادي في حركة «أحرار الشام» الدكتور حسين سليمان (أبو ريان) إضافة لـ 20 أسيرًا، بينما أفرجت الجبهة عن 9 مقاتلين تابعين للتنظيم.
وقد نشرت الحركة تسجيلًا مصورًا تظهر فيه جثة «أبو ريان» وقد تعرضت للتشويه والتمثيل، إذ تعرض رأسه لـ 8 رصاصات، إضافة إلى رصاصات متفجرة في الصدر واليدين والأقدام، فضلًا عن قطع أذنه بأداة حادة؛ وأوضح الطبيب الشرعي أن بعض الرصاصات التي اخترقت الجثة عيارها متوسط، مؤكدًا أنها سبقت الوفاة بقرابة 12 ساعة، وأشار إلى كسور في الحوض والأطراف ما يجزم أن «أبو ريان» تعرض لـ «تعذيب ممنهج» وفق محمد جلال المتحدث باسم «الجبهة الإسلامية».
وكان «أبو ريان» طبيب الأطفال في جامعة حلب، اعتقل في سجون الأسد ثلاث مرات منذ بداية الثورة السورية، لكنه تابع عمله في صفوف حركة «أحرار الشام»، إلى أن تسلم إدارة معبر تل أبيض الحدودي، لكنّ تنظيم «الدولة» اعتقله قبل عشرين يومًا في مدينة مسكنة حين ذهب إليها مفاوضًا لإنهاء مشكلة بين التنظيم والجبهة الإسلامية قتل خلالها عمّه «أبو أحمد».
- «جمعة الشهيد أبو ريان ضحية الغدر»
مقتل الطبيب «أبو ريان» أضافه الثوار إلى عدة انتهاكات سابقة، منها اقتحام المقرات الإعلامية في كفرنبل مؤخرًا، إضافة إلى عدة اتهامات موجهة للتنظيم منها قتل أبو عبيدة البنشي مسؤول الإغاثة في حركة أحرار الشام، ومحمد مروش الذي قُتل بتهمة أنه «رافضي»، وتجاوزات في جبهة الساحل حيث قتل كمال حمامي (أبو بصير) من هيئة الأركان والداعية جلال بايرلي، لتتسم مظاهرات الجمعة بمطالبة التنظيم بإيقاف انتهاكاته بحق المدنيين، واتهامه بالعمالة لنظام الأسد.
من جهته وصف الائتلاف الوطني السوري مقتل أبو ريان بـ «العمل الإجرامي الجبان»، مؤكدًا أن علاقة التنظيم «مع نظام الأسد الإرهابي، علاقة عضوية»، ودعا جميع المقاتلين الذين انضموا له إلى الانسحاب منه فورًا، وإعلان البراءة من تصرفاته وأفعاله المخالفة لطبائع السوريين، متعهدًا بـ «ملاحقة ومحاسبة قادة هذا التنظيم الإرهابي، كما الرموز المجرمة في النظام».
- إعلان حرب
وفي خطوة هي الأولى من نوعها أعلن «جيش المجاهدين» المشكّل حديثًا الحرب على تنظيم «الدولة»، فقال في بيان له «نعلن نحن جيش المجاهدين الدفاع عن أنفسنا وعرضنا ومالنا وأرضنا، وقتال تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام الباغي على حكم الله».
وأكد الاتحاد المشكل من 6 فصائل تقاتل في حلب شمال سوريا بدء الحرب «حتى إعلانها حلّ نفسها أو الانخراط في صفوف التشكيلات العسكرية الأخرى، أو تركهم أسلحتهم والخروج من سوريا»، كما اتهم البيان التنظيم بـ «الإفساد في الأرض ونشر الفتن وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحررة، وهدر دماء المجاهدين وتكفيرهم وطردهم وأهلهم من المناطق التي دفعوا الغالي والرخيص لتحريرها»، إضافة لعمليات «سرقة وسطو وطرد المدنيين من منازلهم وخطفهم للقادة العسكريين والإعلاميين وقتلهم وتعذيبهم في أقبية سجونهم».
كما طالب بيان «جبهة ثوار سوريا» مقاتلي التنظيم من السوريين، تسليم أسلحتهم لأقرب مقر للجبهة، والانضمام إليها أو أي فصيل آخر تابع للجيش الحر، مشددًا أن من لا يرغب بالانضمام إلى الجيش الحر، عليه أنّ يسلم سلاحه ويغادر سوريا خلال مدة أقصاها 24 ساعة، كذلك دعا البيان المشترك لـ «الجبهة الإسلامية» و»جيش المجاهدين»، المقاتلين في التنظيم للانشقاق عنه، محددًا مهلة 24 ساعة أيضًا، لمن يريد الانشقاق حتى يكون في «مأمن».
إلى ذلك، أعلن الائتلاف في بيان يوم السبت دعمه «الكامل» للمعركة ضد التنظيم، معتبرًا أنه «من الضروري أن يستمر مقاتلو المعارضة بالدفاع عن الثورة ضد ميليشيات الأسد وقوى القاعدة التي تحاول خيانة الثورة».
- اشتباكات على الأرض
ميدانيًا تصاعدت الاشتباكات بين الجيش الحر وكتائب إسلامية من جهة وبين تنظيم «الدولة» في مدن وبلدات إدلب وحلب وحماه.
إذ تشهد مدينة حلب وريفها لليوم الثاني على التوالي اشتباكات عنيفة، حيث أكد مركز حلب الإعلامي أن «جيش المجاهدين» سيطر على مبنى بريد جسر الحج –التي تتخذه الدولة دار استشفاء لعناصرها- ظهر السبت، ما أسفر عن مقتل «أبو حمزة الليبي» وجرح آخرين.
كما سيطر «جيش المجاهدين» على قسم شرطة الصالحين وسط المدينة والذي يُعد مركز خدمات تابع للدولة، إضافة لاشتباكات في حي المعادي، بينما شهدت كل من مدن تل رفعت ومارع والأتارب اشتباكات عنيفة، سيطر فيها المقاتلون على مقر دعوي للدولة داخل مدينة مارع، فيما تستمر الاشتباكات في تل رفعت حيث سقط فيها خمسة قتلى من كلا الطرفين.
في ذات السياق أعلن «لواء أحرار سوريا» مساء السبت سيطرته على معمل «آسيا للصناعات الدوائية» في مدينة حريتان، بعد أسره عشرين عنصرًا للدولة الإسلامية كانوا بداخله، ودعا قائد اللواء أحمد عفش القائمين على المعمل والعاملين فيه إلى العودة إليه بعد توقفه عن العمل احتجاجًا على سيطرة «الدولة» عليه مطلع شهر كانون الأول الماضي.
واقتحم مقاتلو «ألوية الأنصار» التابعة لـ «جبهة ثوار سوريا» مقر التنظيم جنوب كفرنبل، واستولوا على أسلحة وسيارات وأسروا عددًا من مقاتلي التنظيم، كما أُجبر مقاتلو التنظيم في مدينة معرة النعمان بإدلب على تسليم أنفسهم ومقراتهم لكتائب «الجبهة الإسلامية» والفرقة «13» التابعة للجيش الحر، كما نقل مراسل عنب بلدي في حماه أن الثوار هاجموا أحد مقرات «الدولة» في كفرزيتا وسيطروا عليه، فيما حاصروا المقر الثاني في المدينة وأعطوا المقاتلين مهلة 24 ساعة لتسليم أسلحتهم.
في المقابل، اختطف عناصر من تنظيم «الدولة» يوم السبت ثلاثة جرحى من مقاتلي الحر ومسعفًا، من مستشفى «الشفاء» في مدينة سراقب بريف إدلب، وسط اشتباكات عنيفة بين التنظيم وحركة «أحرار الشام» عند المدخل الشمالي للمدينة، كما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «الدولة» أعدمت 30 معتقلًا كانت احتجزتهم في مدينة حارم وقد وثق الناشطون أسماء 15 منهم.
- الدولة تمهل «المتربصين»
من جهتها ردّت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في نداء لها نُشر على شكل تسجيل صوتي يوم السبت، فاعتبرت ما تتعرض له الدولة وجنودها «مؤامرة كبيرةً جدًا يراد منها اجتثاث الدولة الإسلامية من هذه الولاية، والدخول في مؤامرة جنيف2». وأمهل البيان «كافة الفصائل والكتائب التي تحاربنا اليوم أو تتربص بنا في ولاية حلب مدة 24 ساعة، لرفع الحواجز التي وضعت لقطع الطرق على المجاهدين، وعدم التعرض لأي جندي أو مهاجر من الدولةأوغيرها»، إضافة لـ «إطلاق سراح كافة معتقلي الدولة الأسلامية فورًا». وفي حال عدم التنفيذ «سيعطى أمر عام بالانسحاب من خطوط الرباط مع جيش النظام»، محذرًا من أن «انسحاب الدولة من أية نقطة سيعني اجتياح حلب المحررة وابتلاعها من الجيش النصيري المجرم».
يذكر أن التنظيم دخل إلى سوريا تحت رافعًا شعار «الدولة الإسلامية» على أنه تعزيز لقوى الثورة السورية ضد نظام الأسد، لكن اتهامات كثيرة وجهت إليها، منها التضييق على حريات المواطنين وتمكين نفوذها في المناطق المحررة دون الجبهات المحتدمة.