مدينة التفاح .. «ثائرة في وجه الظلم»

  • 2014/01/05
  • 9:54 ص

آمنة رياض – الزبداني

مدينة الزبداني الواقعة في الريف الغربي للعاصمة دمشق -ويحدّها لبنان وبلدتي بلودان وسرغايا اللتين يغلب على سكانها طابع التأييد لنظام الأسد-، تعدّ من أهم من أهم مدن الريف الغربي التي يسعى النظام للسيطرة عليها لأسباب عديدة، أهمها موقعها الاستراتيجي على طريق إمداد لمعسكرات حزب الله في النبي شيت وبلدة حام الحدودية على الجانب اللبناني، بالإضافة لقربها من اوتستراد دمشق-بيروت الدولي.

وكانت الزبداني شاركت في الثورة السورية منذ بدايتها حين خرجت أول مظاهرة سلمية في 25 آذار 2011. لتتعرض بعدها لعدة حملات اعتقال، ما حرض عدد من شبابها لحمل السلاح والتصدي لأي حملة متوقعة.

حاولت قوات النظام اقتحام المدينة في الشهر الأول من 2012، فقوبلت بتصد كبير من الجيش الحر، تكبّدت قوات الأسد خلالها خسائر فادحة في الجنود والآليات العسكرية وفجّر الثوار أول دبابة t72. الأمر الذي اضطر قوات الأسد لتعود أدراجها، فأعلن الثوار الزبداني أول مدينة محررة من قبضة النظام واستمرت على ذلك لمدة 15 يوم، لكن قوات الأسد حشدت تعزيزات وآليات على أطراف المدينة ومهدت بقصفها من أربعة محاور، وبعد مقاومة دامت 11 يومًا. استطاعت قوات الأسد دخول المدينة بتاريخ 11 شباط 2012، عبر محور سهل مضايا. وبقيت فيها لمدة خمسة أشهر مع مقاومة وعمليات يومية من الجيش الحر أجبرت آخر حاجز على الانسحاب في نهاية العام 2012 تاركًا خلفه عددًا من الحواجز المتمركزة في جبالها.

ومنذ بداية 2013 فرض النظام حصارًا خانقًا على المدينة، مانعًا الغذاء والدواء من الوصول إلى قاطنيها الذين وصل عددهم إلى 5000 شخص بين عسكري ومدني.

ووصل عدد النقاط العسكرية في الزبداني ومحيطها إلى 215 نقطة، منها 30 تقصف المدينة بشكل يومي، مستهدفة البنى التحتية من مدارس ومشافي وغيرها.

يقول حسن، عضو المجلس المحلي لمدينة الزبداني، أن المجلس «عمل جاهدًا على ترتيب أمور من رفض الخروج من المدينة أو أجبرته الظروف على البقاء، للاستفادة من الخبرات الموجودة في ظل الحصار». فقام بعض الشباب بإشراف المجلس بتجهيز ملجأ تحت الأرض بالإمكانيات المتواجدة، وافتتاحه كمدرسة للراغبين من أبناء المدينة ارتيادها، بمساعدة كادر تدريسي من أبناء المدينة الجامعيين الذي آثروا البقاء في المدينة منهم لأسباب أمنية وآخرين للدفاع عنها. وكذلك الأمر بالنسبة للمشافي حيث تم افتتاح مشفى ميداني يحتوي على أدوات متواضعة وبدائية.

ومن جهة أخرى عمل فريق الإغاثة على توزيع الطحين على من تبقى في المدينة بمعدل 2 كيلو تقريبًا لكل عائلة أسبوعيًا، حسب شهادة أحد المحاصرين.

ولدى سؤالنا أدهم، وهو أحد أعضاء المكتب الإغاثي، حول كيفية دخول المواد الغذائية والطبية للمدينة مع استمرار الحصار قال «يتم إدخال القليل منها عبر طرق الجبال الواصلة بين الزبداني ولبنان، والتي عملت قوات النظام على زرعها بالألغام»، مضيفًا «لقد فقدنا كثير من الشباب أثناء محاولتهم إحضار مستلزمات المدينة جراء انفجار ألغام بهم».

ورغم الحصار يتحدى من تبقى في المدينة القصف والظروف محاولين رؤية أحبائهم، إذ تستطيع والدة رياض المحاصر في المدينة زيارته معرضةً نفسها للخطر والتفتيش الدقيق على حواجز النظام المحيطة بالبلدة، التي تمنعها من إدخال كميات قليلة من الخبز أو أي مادة طبية وغذائية، وهو حال الكثير ممن بقي بعضٌ من ذويهم في المدينة.

وفي الأيام الأخيرة فقد ازدادت وتيرة القصف بالبراميل المتفجرة وشتى أنواع الأسلحة، إذ يقول رائد ابن مدينة الزبداني الذي رفض الخروج من المدينة أنه «مع كل يوم حصارٍ جديد، تزداد وحشية النظام»، مشيرًا إلى أن مياه شبكات البلدية لم تصل إلى المدينة منذ شهر، كما أن «الاتصالات والكهرباء تزورهم كل يومين أو أكثر، دقائق أو ساعات قليلة»، مؤكدًا أن المحاصرين «صامدون رغم كل ذلك التضيق ورغم سياسة التجويع الممنهج الذي تتبعه قوات النظام».

وحسب إحصائية ناشطين فقد سقط في المدينة جراء القصف والاشتباكات حوالي 328 شهيدًا، كما اعتقل النظام 345 شابًا حتى بداية تشرين الأول2013، لتبقى مدينة التفاح «المغيبة إعلاميًا»، مدينة «ثائرة في وجه الظلم» وفق تعبير أبنائها.

مقالات متعلقة

  1. "ثوار الزبداني" ينتقلون إلى الهجوم ويقتحمون حاجزين
  2. الزبداني.. كمينٌ يوقع بضباط الأسد وحزب الله "يكذب"
  3. مدير المشفى الميداني في الزبداني يوجه نداء استغاثة
  4. بعد شهر على معركة الزبداني.. ماذا حققت؟

مجتمع

المزيد من مجتمع