عنب بلدي – العدد 98 – الأحد 5/1/2014
جعلت الظروف المادية من الفتاة السورية، نموذجًا كادحًا تشق طريقها في غمار الواقع، في الوقت التي تحاول فيه الوصول إلى شيء من الاستقرار أو فسحة هادئة في صخب الحياة، فباتت مطالب الفتاة اللاجئة التي تبتغيها في شاب أحلامها تتحور لتلائم ظروف حياتها غير المستقرة، مضمرة بذلك شيئًا من مشاعرها العاطفية. وقد استطلعت عنب بلدي آراء فتيات سوريات نزحن إلى لبنان بمعايير اختيار الخاطبين في التقرير التالي.
- ظروف مادية
في ظل الظروف الراهنة تتفاوت مطالب الفتاة السورية التي ترغب بها في الشاب أثناء الخطبة، وتقول راما (21 عامًا)، أن كل شيء تغير بسبب الظروف ومن المستحيل أن تبقى الشروط كما هي. بينما لم تتغير مطالب ولاء (21 عامًا) مع تغير الظروف، وتصرّ على رغبتها بشابٍ مستقل بعمله وسكنه، وقادر أن «يعيشني متل ماكنت عايشة، وبضل عم استنى».
لقد أدخلت الظروف التي يعيشها الشاب السوري داخل الوطن أو خارجه االفتاة في حيرة عندما يتقدم إليها أحد الشباب السوريين للخطبة، فالشاب يعيش حياة غير مستقرة، وربما لا يملك سوى مبلغ بسيط من المال؛ «اي شوعندوالشب السوري» كما تقول فاطمة (24 عامًا)، والتي تفضل الخطبة من شاب لبناني لأنه مستقر، بعد أن سئمت من حياة اللااستقرار التي عاشتها لفترة طويلة، وأنه لا يمكن للشاب السوري أن يؤمن لها ما ترغب به فهو غير مستقر أيضًا.
بينما ترى بعض الفتيات السوريات أن الشاب السوري يحتاج إلى من يقف بجانبه ويساعده، فكلاهما يعيش الظروف ذاتها، ويمكن «أن نساعد بعض» كما تقول آيلا (21 عامًا) وهي لاجئة في لبنان أيضًا، وتضيف أنها ترى مع الشاب السوري «وحدة الدم والبلد»، وأن حالة عدم الاستقرار لابد أن تنتهي بيوم من الأيام، وتعيش مع من ترضى فكره وأخلاقه الحياة السعيدة وتقول، «علينا أن نتخطى الأزمة سوا».
- شروط معنوية
أما الشروط المعنوية كالأخلاق والفكر والتعليم، فتباينت آراء الفتيات حولها، فماريا تجد أن التعليم كان مسبقًا شرطًا أساسيًا لكن اليوم عمل الشاب أهم من درجة تعليمه. كما أنها تجد في «البيئة المحافظة» التي تربى عليها الشاب السوري شيئًا أساسيًا، وتعبر عنها بالقول «طينتي من طينتو»، لكنها تردف أن لا شيء مطلق فيمكن أن تقبل بشاب غير سوري ترضى بأخلاقه وحالته الاجتماعية، بعكس راما التي تقول إنها لا يمكن أن تفضل شابًا لبنانيًا بأي حالٍ كانت على الشاب السوري، وبحسب قولها إنه «وحده يمكنه أن يحفظ كرامة الفتاة السورية ويعطيها حقها».
وتضيف راما، أنه لا مانع لديها من الخطبة لشاب سوري مهجر أو مطلوب إذا رضيت فكره وأخلاقه «عيب إذا رفضت الشب بس لهالسبب».
- القبول بشاب لبناني
من ناحية أخرى يقف حاجز «عادات وتقاليد الشباب السوري تختلف عن الشباب اللبناني» وهذا ما يجعل ولاء ترفض الشاب اللبناني، مضيفة أن «انفتاح المجتمع اللبناني وتحرره الاجتماعي لا يناسب البنت السورية من بيئة محافظة».
وفي موازاة ذلك قبلت أم سورية بخطبة ابنتيها الصغيرتين من شابين لبنانيين لأنها غير قادرة على تأمين الحنان الكافي لهما وتأمين متطلباتهما وفق تعبيرها «بلكي حدا بحن عليهن أكتر من أمهن»، بينما تقول راما أنه ليس هناك شيء أصعب على البنت من أن تخرج من بيت أهلها بسبب قلة الحالة المادية، «لو عندي بنت بسكن أنا وياها بالشارع ولا بعطيها لحدا مشان المادة».
فتاة سورية تزوجت من لبناني (رفضت ذكر اسمها) تشرح سبب قبولها بالزواج منه بأن «ظروفها أجبرتها على القبول، بعد أن كانت ترفض فكرة الزواج من غير السوري»، كما أنها ترفض أن تفصح لمن حولها عن عدم راحتها بعد الزواج لأنه «أمر واقع»، ولا تسمح لنفسها بالتمادي في رفضه. بينما تقول ماريا أن بعض صديقاتها تمت خطبتهن لشباب لبنانيين ويعشن الآن حياة سعيدة.
وترى بعض الفتيات أن رغبة الأهل بخطبة بنتهم لغير السوري، غالبًا ما تكون لمصلحة تعود بالنفع على الأهل كتأمين منزل للعيش، أو فرصة عمل للفتاة، وتحسين الحالة المادية للعائلة اللاجئة.
- رغبة بالارتباط
كبت العاطفة في ظروف الحياة المتسارعة التي مرت بها الفتاة السورية ولازالت، وغياب ما يشغلها من دراسة وعمل وغيرها، جعلها تفكر بالخطبة بشكل أكبر، كما تقول ولاء، مشيرة إلى أن «المستقبل الي عم نستناه راح، وماضلشيء نفكر فيه».
وتوافق أيلا ما قالته ولاء بأنه «لا يمكن إغفال الدور الكبير للعاطفة في موضوع الخطبة، فيمكن أن يغير الحب من نظرة البنت للشاب غير السوري»، بينما تقول راما أنها لا يمكن أن تسمح لقلبها بحب شاب غير سوري أيًا كان.