أورفة – برهان عثمان
حصلت عنب بلدي على تسريبات من مصادر متطابقة، تُفيد بتشكيل كيانات “إدارية” من أهالي المنطقة الشرقية في دير الزور، بهدف إدارة المنظقة في حال خروج تنظيم “الدولة الإسلامية” منها، تزامنًا مع معارك ربما تكون قريبة.
ويشتكي أهالي دير الزور من “التهميش” في أخذ القرار بخصوص محافظتهم، وسط تشتت صنع شرخًا بينهم، كونهم يعيشون في مناطق متباعدة جغرافيًا، وتحكمهم قوىً مختلفة.
كيانات لإدارة المحافظة
تحدّث ناشطون في المنطقة الشرقية إلى عنب بلدي، عن بدء العمل على تشكيل كيانات إدارية، بهدف تسيير أمور المنطقة، عقب خروج التنظيم منها، الأمر الذي يراه الناشط غياث محمد “قريبًا”، مشيرًا إلى أن “تطميناتٍ وردت عن مصادر غربية، أكدت اقتراب التحرك العسكري في دير الزور”.
ويقول محمد إن عشرات المنظمات العالمية، الأمريكية منها والبريطانية، مهتمة بالأوضاع الاقتصادية والتعليمية والصحية والإدارية في دير الزور، وهذا ما يُجمع عليه معظم أهالي المحافظة، متمنين تحوّل حياتهم إلى الأفضل في أقرب وقت.
يشعر أهالي دير الزور أنهم بعيدون عن صنع قرارات محافظتهم، وفق “أبو قاسم”، الشاب العشريني الذي يعمل في محل تجاري صغير لبيع المواد الغذائية، ويقول إن الأهالي يشعرون بأنهم بعيدون عن صنع قرارات المنطقة ومستثنون من الحسابات.
“نحن خارج المعادلات السياسية والعسكرية بشكل كامل”، يضيف “أبو قاسم”، معتبرًا أن “التوازنات والخطط التي ستُنفّذ قريبًا في المنطقة، ستؤثر بشكل أساسي على الأهالي في الداخل”.
يعمل الشاب أكثر من 12 ساعة يوميًا لكسب قوت يومه، إلا أنه يجد الوقت الكافي لمتابعة الأخبار والمستجدات، مستخدمًا جهاز راديو صغير، رغم منعه من قبل “حسبة” التنظيم، ويشير “هناك ألف سبب يمنعنا من النشاط في الداخل، إلا أن ذلك لا يعني أن نكون مجرد دمى”.
ويرى أن مشاعر الريبة تجاه أي كيان بديل عن التنظيم تسيطر على القسم الأكبر من أهالي دير الزور، كونه “مفروضًا من الخارج”، إلا أنه يعتبر أن “من المبكر التخطط لإدارة منطقة مايزال مصيرها مجهولًا حتى اليوم”.
أصوات ديرية من أورفة
تختلف وجهات النظر حول تقييم الأوضاع الحالية في دير الزور، وخاصة أولئك الذين يقطنون بعيدًا عنها، وهذا ما لمسته عنب بلدي لدى مقابلتها بعض الناشطين في مدينة أورفة التركية، الذين اعتبروا أنه “من الطبيعي أن تختلف الأولويات بين البشر بحسب المكان والزمان والمحيط الاجتماعي والسياسي والقانوني”.
يقول الناشط الإعلامي بكر سعود (23 عامًا)، إن معظم الذين يعيشون خارج دير الزور، يسعون للعمل وتدارك الأوضاع المتردية لإدارة المحافظة، “باعتبارهم أكثر قدرة على الحركة والتنقل وعقد الاجتماعات وتشكيل الأطر السياسية والإدارية”.
مبرراتٌ يراها الشاب “كافية” للتحرك في الخارج، وإعطاء هذه الكيانات الشرعية التي تحتاجها، مشددًا على وجوب المشاركة من الجميع، وعدم حصر الأمر في مجموعة معينة دون غيرها.
ويرى أنس المحمد (35 عامًا)، الذي يعمل مدرّسًا للغة العربية في أورفة، أن “شللًا تعيشه المجموعات المسيطرة والمتحكمة، بينما تعتبر القاعدة الشعبية مفصولة تمامًا عما يجري”، لافتًا إلى أن “الأوضاع في الخارج لم تختلف منذ سنوات، ومازالت الأجسام والكيانات تظهر أمامنا فجأة، ونحن علينا السكوت والرضا”.
“الشعور بالتهميش بين الولايات التركية أمر طبيعي، عندما نرى القاعدة الشعبية في مكان والحراك الذي كان يفترض أن يكون ممثلًا لها في مكان آخر”، وفق رؤية المحمد، الأمر الذي يزيد الفجوة ويعمق الشرخ مع المواطنين “الذين يشعرون أنهم مجرد مطية رغم أنهم المتضرر الأكبر”.
مع كل تلك الخلافات يُجمع من التقتهم عنب بلدي، على ضرورة السعي لإيجاد وسائل مناسبة، وإشراك أكبر عدد ممكن من السوريين في التحركات التي تجري خارج حدود بلادهم، باعتبارها تخص مناطقهم، داعين إلى تمكينهم في العمل السياسي والإداري، وتطوير الخبرات للمشاركة بشكل فعال في بناء مدنهم وبلداتهم لدى عودتهم إليها.