د. أكرم خولاني
يعاني الكثير من الناس من الشخير بصوت عالٍ أثناء نومهم، وغالبًا لا يؤثر ذلك على صحتهم إلا من ناحية إزعاج من يشاركهم غرفة النوم، إلا أن بعضهم يشعرون بمشكلة بالحصول على قسط كاف من النوم، ويشكون من التعب طوال اليوم، وهؤلاء قد يكون لديهم ظاهرة انقطاع التنفس أثناء النوم.
ما المقصود بانقطاع النفس أثناء النوم؟
هو حالة مرضية تتصف بانقطاع النفس كليًا (apnoea) بشكل مؤقت ولمدة عشر ثوان أو أكثر ولخمس مرات على الأقل في الساعة، أو انقطاع النفس جزئيًا (hypopnea) أي انخفاض جريان الهواء بنسبةٍ تتجاوز 50% لمدة عشر ثوانٍ أو أكثر، ما يؤدي لعدم أخذ كمية كافية من الأكسجين اللازم للقيام بالوظائف الخلوية لأعضاء الجسم. ويقسم انقطاع النفس أثناء النوم إلى ثلاثة أقسام تبعًا للمسبب الأساسي، وهي:
1- الانسدادي: يشكل 84% من الحالات، ويكون المسبب هو انسداد للطرق الهوائية أثناء النوم، وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال.
2- المركزي: يشكل 15% من الحالات، ويكون الخلل في المراكز التنفسية الدماغية، حيث يحدث خلل في إرسال الإشارات العصبية من الدماغ للعضلات التنفسية للقيام بالتنفس.
3- المختلط: حيث يكون كلا النوعين السابقين معًا.
وعادة ما يصيب البالغين وكبار السن إثر الإصابة بمشاكل صحية أخرى، لكن من الممكن أن يصيب الصغار أيضًا. عادة ما يصيب الذكور أكثر من الإناث في عمر ما دون 50 عامًا، أما بعد هذا السن فتكون نسبة حدوث الإصابة في كلا الجنسين متساوية.
ما أسباب انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم؟
عادة ما يكون السبب هو تضيق المجاري التنفسية نتيجة عدد من العوامل، مثل وجود زيادة في الوزن أو بدانة، الطول الزائد للرقبة، وجود بنى غير طبيعية مثل تضيق المجاري الهوائية، أو ضخامة اللوزتين أو الناميات أو اللسان، أو صغر حجم الفك السفلي، أو انحراف الحاجز الأنفي.
كما أن هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمال حدوث الشكلة، مثل استعمال أدوية ذات تأثير مُهدِّئ، التدخين، تناول الكحول وخصوصًا قبل الذهاب إلى النوم، الارتداد المعدي المريئي، الحساسية، وجود تاريخ أسري للإصابة.
ما أعراض وعلامات انسداد النفس أثناء النوم؟
أثناء النوم تكثر العلامات والأعراض التالية: يحدث توقف متكرر في التنفس، ويكون مصحوبًا بشخير صاخب، أثناء هذه التوقفات ينقطع إمداد الجسم بالأوكسجين وتتوقف إزالة ثنائي أكسيد الكربون، ويؤدي ذلك إلى تحفيز الدماغ للانتقال من مرحلة النوم العميق إلى الاستيقاظ، وذلك ريثما يفتح مجرى الهواء مجددًا وتعود عملية التنفس إلى طبيعتها، وتترافق الحالة بجفاف الفم، التعرق الليلي، التبول الليلي، العطش الليلي.
أما في وقت النهار فتظهر الأعراض التالية: يعاني المريض من الصداع عند الاستيقاظ، ويشعر بالنعاس، والتعب والضعف العام، والارتباك، ويعاني من ضعف الذاكرة، وعدم القدرة على التركيز، وهذا يؤثر سلبًا على النشاطات اليومية، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى العجز الجنسي.
كيف يتم التشخيص؟
يعتمد التشخيص على الأعراض السريرية، ويتم تأكيده عن طريق اختبار للنوم، وهناك نوعان من الاختبار:
النوع الأول هو الاختبار الليلي في المشفى، والذي يقيس تموجات المخ أثناء النوم، والعضلات، وحركة العينين، وعملية التنفس، ومستوى الأوكسجين في الدم وكذلك الأصوات الصادرة كالشخير.
أما النوع الثاني فهو جهاز يتم إعطاؤه للمريض وبإرشادات معينة من الاختصاصي ومن ثم تحلل المعلومات في اليوم التالي.
كيف يمكن علاج هذا المشكلة؟
تتضمن خيارات المعالجة ما يلي:
- إجراء تغييرات في نمط الحياة، كالتخلص من الوزن الزائد، والنوم على الجنب بدلًا من النوم على الظهر، وإيقاف التدخين والكحول.
- استعمال جهاز ضغط المجرى الهوائي الإيجابي المستمر (CPAP) ، حيث تقوم هذه الأجهزة بمنع انسداد المجاري الهوائية في أثناء النوم من خلال توفير إمدادات مستمرة من الهواء المضغوط عبر القناع.
- استعمال جهاز تقدم الفك السفلي (MAD)، ويتكون هذا الجهاز من مادة صمغية شبيهة بالدرع توضع حول الأسنان، وتعمل على دفع الفك واللسان إلى الأمام لزيادة الحيز المتاح في الجزء الخلفي من الحلق في أثناء النوم.
وقد يكون إجراء عملية جراحية خيارًا علاجيًا عند الاعتقاد بأن انقطاع النفس ناجم عن وجود مشكلة عضوية يمكن تصحيحها جراحيًا، وتحدد العملية اللازمة لكل حالة بشكل فردي بحسبها.
هل هذه المشكلة خطيرة؟
انقطاع النفس الانسدادي النومي ليس حالة مهددة للحياة في حد ذاتها، لكنها يمكن أن تُسفر عن مشاكل خطيرة، فمن المضاعفات التي يمكن حدوثها نتيجة الإصابة بالمرض: فرط ارتفاع ضغط الدم، فشل العضلة القلبية، السكتة الدماغية، القلق والتوتر، الإصابة بمرض السكري، ارتفاع ضغط الرئة، الإصابة بالارتداد المعدي المريئي، وفي حالات نادرة الموت الفجائي.