وسط انتقادات بالـ "تسخيف" وتجاوز القانون
“البث المباشر” في “فيس بوك” يحيي العهد الذهبي للدراما السورية
عنب بلدي – ر. ك
في وقت التصقت فيه الهواتف النقالة بأيدي مستخدميها وانغمس الشباب بالمحتويات التفاعلية التي تقدمها مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح من الصعب على رواد تلك المواقع الثبات أمام الشاشة المربعة ساعة كاملة لمشاهدة مسلسلات ربما لم تعد ترضي أذواقهم.
وبالحديث عن منافسة فيديوهات “يوتيوب” للتلفزيون، ظهر منافس آخر لم يكن في حسبان المشاهدين أنفسهم تحت مسمى “البث المباشر” في “فيس بوك”، والذي تعدى فكرة البث الحي على الهواء مباشرة إلى فكرة نقل مسلسلات قديمة حصدت شعبية كبيرة أثناء عرضها لأول مرة.
“البيئة الشامية” أكثر ما يطلبه الجمهور
“تيوب رصد” صفحة سورية ناقدة تمتلك ما يزيد عن 200 ألف متابع في “فيس بوك”، اتجهت مؤخرًا إلى عرض مسلسلات سورية ببثها مباشرة ضمن جدول ووقت محدد.
عنب بلدي تحدثت إلى “الراصد ميخائيل”، أحد القائمين على الصفحة، والذي نوّه إلى إقبال الجماهير على فكرة عرض المسلسلات القديمة عبر “فيس بوك”، وقال إن رأي المشاهدين “دائمًا ما يكون إيجابيًا مع عرض المسلسلات التي تذكرهم بالدراما السورية الحقيقية”.
وتعرض “تيوب رصد” حاليًا مسلسل البيئة الشامية “ليالي الصالحية” الذي عُرض على شاشة التلفزيون قبل 13 عامًا وحصد شعبية كبيرة آنذاك.
“الراصد ميخائل” قال إن عدد مشاهدي كل حلقة يتراوح وسطيًا بين 80 و100 ألف مشاهد بنفس لحظة البث، إذ تتيح الصفحات التي تعرض المسلسلات بهذه الطريقة إمكانية مشاهدتها لاحقًا في حال لم يتناسب وقت البث المباشر مع وقت المشاهد.
وغالبًا ما تعمد الصفحات إلى انتقاء المسلسلات المرغوبة من قبل الجمهور والتي لا يمل المشاهد من متابعتها مهما تكررت. وفي صفحة “تيوب رصد” قال “الراصد ميخائيل” إن أكثر ما يطلبه المتابعون هو مسلسلات البيئة الشامية والمسلسلات الكوميدية والقديمة، إذ تخصص الصفحة خمسة من أعضائها مهمتهم متابعة الدراما ورصد آراء الناس حولها ومعرفة ما يحبون وما يكرهون، حسبما قال الراصد.
هل يحيي البث المباشر الحقبة “الذهبية” للدراما السورية؟
يشتكي المشاهد السوري في السنوات الأخيرة من المحتوى الذي تقدمه الدراما السورية والذي اختلف عما اعتاد عليه على مدى حقبة طويلة بلغت فيها المسلسلات السورية ذروة نجاحها على مستوى الدراما العربية.
ومع اختلاف الظروف الراهنة في سوريا اتجهت بعض الشركات نحو إنتاج المسلسلات التي تسلط الضوء على أوضاع السوريين ومعاناتهم من الحرب والتهجير والقصف وغيرها، في محاولة منها لتجسيد الواقع الذي يعتبر من أهم مهام الدراما، إلا أن هذا النوع من المسلسلات لم يلقَ استحسان المشاهد السوري الذي يرغب بالهروب من واقعه ونسيان معاناته عبر دراما تذكره بالماضي.
كما أن استقرار نسبة كبيرة من الممثلين السوريين خارج البلاد، وانخراطهم في الأعمال العربية المشتركة، لم يرضِ شريحة من الجمهور، معتبرين أن هوية الدراما السورية “ضاعت”.
“تيوب رصد” قالت إن هدفها من البث المباشر للمسلسلات هو إعادة الناس في مواقع التواصل الاجتماعي نحو “الحقبة الذهبية” للدراما السورية، وتابعت “خاصة في ظل تراجع دور هذه الدراما في الفترة الحالية وبعدها عن قلوب الكثير من المشاهدين”.
أغلب المسلسلات التي تُعرض حاليًا في “فيس بوك” تعود إلى حقبة قديمة من الزمن مثل “مرايا” بكافة أجزائه، و”عصر الجنون” و”الخوالي”، كما أن بعض الصفحات تركز على المسلسلات الكوميدية مثل “بقعة ضوء” و”ضيعة ضايعة” و”أبو جانتي” وغيرها.
تجاوزات أم ثغرات قانونية؟
قانونيًا، لكل مسلسل حقوق ملكية فكرية تملكها شركة الإنتاج نفسها أو القناة التلفزيونية التي اشترت المسلسل من الشركة، إلا أنه ومع انتشار الإنترنت وظهور مواقع مختصة بالفيديو مثل “يوتيوب” أصبح هناك تجاوزات قانونية رغم فرض تلك المواقع شروطًا ورقابة على الناشرين.
الناقد الفني، أنس عدنان، قال لعنب بلدي إن صفحات عدة في “فيس بوك” أُغلقت بسبب انتهاكها لحقوق ملكية مسلسل عرضته، وذلك بعد شكوى تقدمها الشركة المالكة لإدارة “فيس بوك”.
إلا أن بعض الصفحات حولت منصتها إلى مجموعة خاصة و”سرية” واتجهت نحو فكرة عرض المسلسل الذي يشاهده أعضاء المجموعة فقط ثم حذفه من المنصة، لتلافي الملاحقة القانونية.
أنس عدنان قال إن صفحات البث المباشر تلجأ إلى المسلسلات القديمة بسبب ما أسماه ضعف الأرشيف العربي المصوّر، خاصة في حقبة ما قبل انتشار الإنترنت في عالمنا.
وتابع “الأمر يرجع إلى قوة الشركة في حماية حقوقها، فغالبًا ما تحاسب الشركات المالكة للمسلسل المزورين لاسم الشركة وليس الناشرين باسمها”.
إلا أن شركات إنتاج وقنوات لها اسمها في الوطن العربي لجأت إلى فكرة تطوير تطبيقات خاصة بها وامتلكت قنوات خاصة على “يوتيوب”، لتحافظ على جمهورها من البث المباشر.
ومن خلال تلك المنصات تعرض القنوات المسلسلات التي تملكها في الوقت الذي يختاره المشاهد وبجودة عالية، مثل تطبيق “شاهد. نت” المملوك من قبل مجموعة قنوات “إم بي سي”، وتطبيق “وطن نت وورك” المختص بالمسلسلات السورية.
ويعاب على تلك الصفحات أنها مأجورة وتتطلب اشتراكًا شهريًا، ما يدفع المشاهد إلى اللجوء لخاصية البث المباشر في “فيس بوك”.
صفحات تستهدف الإعلانات لضمان انتشارها
يلجأ معظم الناشرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى جذب المعلنين إما لأهداف تجارية أو من أجل ضمان استمرارية منصاتهم.
“الراصد ميخائيل” قال إنه حتى الآن لا توجد إعلانات على صفحة “تيوب رصد”، إلا أنه لم ينفِ رغبتهم في جذب المعلنين “ليس لأهداف ربحية” بل لأن الإعلانات “ستدعم استمرارية الصفحة وتوصلها إلى أكبر عدد ممكن من الناس كون مواقع التواصل الاجتماعي باتت شاشة تلفزيون مصغرة”.
أما الناقد الفني أنس عدنان فيرى أن الإعلانات فرضت نفسها بقوالب عدة في عالم “السوشال ميديا”، إلا أنها لم تحقق هدفها المنشود كون المشاهد أصبح “أكثر وعيًا” وبإمكانه تخطي الإعلان أو تغيير الصفحة إلى أخرى لا تعرض إعلانات.
وأشار عدنان إلى أن الإعلانات الموجهة للسوريين قد تواجه مطبات بسبب ضعف الإنترنت وصعوبة مشاهدة حلقة كاملة عبر البث المباشر من داخل سوريا، وستكون بهذه الحالة موجهة للسوريين في الخارج ما يعرقل جذب المعلنين.
وبالرغم من الانتشار الذي يحققه البث المباشر للمسلسلات السورية إلا أن عقبات عدة تواجه الفكرة، من وجهة نظر الناقد، أهمها ضعف جودة الفيديو و”تسخيف” المسلسل المعروض من خلال إتاحة التعليق للمشاهدين على المحتوى المُقدم، فيما يرى آخرون أنها ميزة تفاعلية غير متوفرة في التلفزيون.
كما أن إتاحة المسلسل عبر خوادم غير نظامية قد يعرضها للاختراق ويعرض المشاهدين لخطر “الفيروسات”.
ولكن هل فعلًا سيأخذ البث المباشر محله في البيوت السورية بديلًا عن التلفزيون رغم العقبات؟
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :