المسرح السوري يجذب الأتراك ويحرّك الأجواء الفنية في أورفة

  • 2017/04/23
  • 12:06 ص

أعمال فنية لسوريين في أورفة التركية - نيسان 2017 (عنب بلدي)

أورفة – برهان عثمان

شهد العمل المسرحي في ولاية أورفة التركية نشاطًا ملحوظًا منذ أكثر من ثلاث سنوات، مع استقرار عدد كبير من اللاجئين السوريين الذين أسهموا في تحريك عجلة النشاط الثقافي والفني بمختلف أنواعه ومنها العمل المسرحي، الذي كان يعتبر ظاهرة نادرة في الولايات الجنوبية من تركيا بشكل عام، وأورفة خاصةً.

هذه الولايات تميل أكثر إلى النشاط الموسيقي والغنائي، لغياب كوادر مسرحية ذات خبرة، كما يقول أنس الحميد لعنب بلدي، وهو أحد المهتمين بالعمل الفني والنشاط المسرحي في أورفة، ويضيف أن العمل المسرحي هو رسالة متكاملة ثقافيًا وفنيًا وفكريًا ويشكل مرآة تعبر عن الأوضاع الفنية والإنسانية، وقد عرفت سوريا تطورًا ملحوظًا في الحركة الفنية والدرامية والمسرحية ما مكنها من بناء قاعدة فنية وكوادر مبدعة في التأليف والإخراج والتمثيل، انتقل العديد منهم إلى دول اللجوء حاملين معهم ثقافتهم وشغفهم الفني، في محاولةٍ لإنشاء بيئة جديدة تعبّر عن همومهم من خلال أعمال فنية متنوعة وفي مقدمتها المسرح.

ولاقت عدٌد من الفرق الفنية السورية، التي قدمّت أعمالًا مسرحية في أورفة، قبولًا واستحسانًا شعبيًا في أوساط السوريين والأتراك.

فنٌّ في مجتمع لا ينطق بالعربية

يقول محمد السطام، وهو ممثل ومخرج مسرحي، “في مجتمع لا ينطق بالعربية، هناك فرق بين أن تكون في دولة ناشطة فنيًا وفيها أرضية فنية وكادرٌ فاعلٌ تستطيع أن تنشط معه عن طريق علاقاتك وخبرتك في هذا المجال، وبين أن تكون في دولة غير ناشطة فنيًا، كالحال في أروفة، وحينها ستكون غير قادر على الاستمرار ولا تستفيد شيئًا سواء من ناحية الخبرة أو من ناحية العمل”.

أما بالنسبة للسوريين فيرى السطام أنهم يواجهون العديد من المشاكل التي تعيق استمرار نشاطاتهم على خشبة المسرح، وخاصة في تأمين التمويل لتغطية النفقات وإيجاد المكان المناسب للتدريب والعرض، ويقول “مصروفاتنا باتت تقتصر على الأشياء الضرورية، ما أفقدنا الكثير من الأدوات والملابس والديكور المسرحي والتقنيات الإلكترونية في الصوت والإضاءة والحركة التي باتت جزءًا مهمًا من الأعمال المسرحية’’.

ورغم المصاعب التي يعاني منها المسرح إلا أنه مايزال يتمتع بحاضنة شعبية وجمهور نهم ومتلهف لحضور كل عمل جديد، ويؤكّد السطام أن الأعمال المسرحية السورية تشهد حضور شرائح واسعة من السوريين والأتراك وخاصة العرب الأتراك الذين يفتقدون مثل هذه النشاطات التي تقدم بلغتهم الأم، إلا أن هذا لا ينفي أن تقديم الأعمال السورية باللغة العربية مايزال يشكل حاجزًا أمام الوصول إلى أبناء المنطقة، وخاصةً غير الناطقين بالعربية من الكرد والأتراك.

الفن يجب أن يكون، بحسب السطام، “فسحة للراحة وواحة للسلام ومنبرًا ثقافيًا يوصل الأفكار للناس في وسط صحراء الكراهية والجهل التي تحيط بنا”، ولذا فإنه يعمل هذه الأيام على تصوير برنامج كاميرا خفية، محاولًا زرع الابتسامة بين الناس خاصة في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم، ويخرج فيلمًا قصيرًا يتمنى أن يبدأ تنفيذه بعد أيام.

الرقصة الأخيرة.. آخر العروض

مسرحية “الرقصة الأخيرة” هي إحدى المسرحيات السورية التي عرضت عدة مرات، وستدخل في إحدى المسابقات التركية للأعمال المسرحية، وقد تم عرضها مؤخرًا على مسرح “شاعر نبي” في أورفة بالتعاون مع عدة هيئات شبابية تركية، وقدمتها “فرقة سعد الله ونوس” المسرحية، التي تأسست في مدينة أورفة عام 2016.

وتتحدث عن صديقين يزوران إحدى المقابر لكي يسهروا فيها، لكنهما ينصدمان بنهوض الموتى من قبورهم، ويبدأ الأموات بندبهما ولومهما على الحال الذي وصل العالم إليه وما اقترفه الصديقان من حروب، ويستمر الحديث بينهم وسط جو من الخوف والرعب.

دليار، أحد الممثلين في مسرحية الرقصة الأخيرة يقول لعنب بلدي أن المسرحية “صورة مصغرة عن الحياة التي يعيشها السوري الآن، كما أنها تجسد المعاناة الإنسانية بصورة عامة”.

ويرى دليار أن الفن في علاقة تفاعلية طردية مع الواقع بطبيعته فهو يتأثر بالواقع ليؤثر عليه بعد ذلك، من خلال تجسيده وتصويره عبر صور ولوحات تعكس الواقع وتعالجه وتقترح له الحلول عبر رسائل تبقى عالقة في ذهن المشاهد.

وتظهر مسرحية الرقصة الأخيرة شخصية الهازم والمهزوم في وطنه، الذي مع خسارته مايزال قويًا ولديه الشجاعة والجرأة ليتحرك وسط القبور باحثًا عن متنفس ليعبر به عن ذاته وعن مكوناته، وعن هذا العنف وسط هذا الدمار الهائل، فيدعو أحد أصدقائه الأعزاء للاحتفال بعيد ميلاده في مكان موحش وخالٍ إلا من الموتى الذين لن ينهضوا، سهرة لم تكتمل بسبب قيام الموتى من قبورهم واستحضارهم لذكريات موتهم بكل تفاصيلها الموجعة والمفرحة.

تأنيب الأموات للصديقين يدور حول أن الأحياء هم سبب هذا الدمار، وبالتالي يجد الصديقان نفسيهما متهمين في محكمة شهودها وقضاتها والمدّعون فيها من الموتى الأحياء، لتنتهي المسرحية بالدعوة إلى الحياة والسلام والأمل.

مقالات متعلقة

أنشطة وفعاليات

المزيد من أنشطة وفعاليات