عنب بلدي – العدد 97 – الأحد 29/12/2013
بعد أن أجبر كثير من أهالي ريف دمشق على النزوح من بلداتهم وبيوتهم، جراء استمرار القصف العشوائي وأعمال التخريب والنهب والاعتقال في مدنهم مثل: داريا، القدم، مخيم اليرموك، السبينة، الدرخبية، معضمية الشام وغيرها.
لجأ قسم منهم إلى مدينة الكسوة نظرًا للهدوء الأمني –نسبيًا- فيها، مما أدى إلى ضغط سكاني في هذه المدينة الغير مهيأة أصلاً لاستيعاب أعداد كبيرة من الناس.
أخذ المهجرون يقطنون أي مكان يسمح لهم بالإقامة فيه، وتوزعوا بين مقيم في مدرسة، وآخر في بناء على الهيكل، أو في أقبية تفتقر إلى أدنى مقومات حياة الإنسان، حيث إن الشقق السكنية تؤجر (إن وجدت) بأسعار مرتفعة تفوق قدرة معظم اللاجئين عن دفعها.
وما إن يدخل المهجّر إلى أحد هذه «الملاجئ» حتى يبدأ مسلسل من المعاناة اليومية في محاولة الصمود وتأمين لقمة العيش وبعض الملابس أو الحاجات الأساسية.
فعلى الرغم من وجود معونات غذائية تقدم من الجمعية الخيرية الخاصة بكل منطقة، إلا أنها غير كافية وغير محتوية على العناصر الغذائية الضرورية لجسم الإنسان، وبالتالي تظهر حالات كثيرة من سوء التغذية ولا سيما عند الأطفال، عدا عن عدم توفر الحليب للرضع بنسبة 90% منهم.
في بعض الأحيان يزور المراكز مندوبون من جهات إغاثية محلية أو دولية لاستطلاع أوضاع الناس، الذين لم يجدوا منهم سوى الوعود، هذا إن لم يقوموا بإيذائهم نفسيًا بالشتائم، ويكتفون بزيارة عائلة أو اثنتين فقط من كل مركز.
أما بالنسبة للتهوية والإضاءة والماء ضمن مراكز إيواء اللاجئين فهي قليلة جدًا في أغلبهم وخاصة الأقبية، ما يتسبب بالمزيد من المشاكل كانتشار الروائح الكريهة، أو حتى ظهور بعض الأمراض كاليرقان والقمل ووهن الصحة العام.
ورغم تنظيم دور للتنظيف بين سكان كل مركز، تبقى النظافة التامة مهمة صعبة التحقيق في ظروفهم المعاشة، بدءًا من قلة الهواء والماء، مرورًا بالعدد السكاني الكبير، وانتهاءً بعدم توزيع منظفات أو مطهرات من أي جهة كانت. كما أن عدد الحمامات ضمن المركز الواحد قليل جدًا وهو عبارة عن حمام واحد ومطبخ واحد لما يزيد عن 20 عائلة.
ويحتاج الناس ضمن هذه الملاجئ إلى كثير من العناية الطبية، سواء للكبار في السن الذين يعانون من الأمراض المزمنة كالسكري والضغط وغيرها، ويجدون صعوبات جمّة في تأمين أدويتهم، أو للنساء اللواتي انتشرت بينهن الأمراض الفطرية الجرثومية النسائية المعدية، ولذلك فهم بحاجة إلى توعية ورعاية لتفادي انتشار مثل هذه الأمراض وتطورها.
كما ويعاني المهجرون في مراكز الإيواء من عدم توفر الألبسة الشتوية بسبب غلاء أسعارها، وكثير منهم في أصعب أيام برد الشتاء يرتدي لباسًا صيفيًا رقيقًا. ولا يتوفر لديهم سجاد أو حرامات، يجلسون عليها أو يتدفؤون بها، حيث يكتفي البعض بوضع شوادر على الأرض والجلوس عليها، وبما أن الكهرباء غير متوفرة بشكل جيد ضمن المدينة عمومًا وضمن مراكز الإيواء خصوصًا، أصبحت مدافئ الكهرباء في حال وجودها عديمة الفائدة، ليعيش اللاجئون شتاءً قاسيًا وبردًا قارسًا يجعلهم بأمس الحاجة لأي مساعدة يمكن أن تقدم لهم.
ويعيش في مدينة الكسوة حاليًا ما يزيد عن 700 عائلة مهجرة من مناطق مختلفة، يسكن أكثر من نصفهم في مراكز الإيواء التي بلغ عددها 17 مركزًا، في كل غرفة من هذه المراكز يقيم 7 إلى 12 شخص، والتي تكون أحيانًا مفصولة عن بعضها بشوادر.