بات سهل الزبداني، في ريف دمشق الشمالي الغربي، تحت سيطرة قوات الأسد و”حزب الله” اللبناني بشكل كامل، مع خروج آخر مقاتلي المعارضة من المنطقة، اليوم الأربعاء 19 نيسان.
ويضم سهل الزبداني، خمس مدن وبلدات رئيسية، وهي الزبداني، مضايا، بقين، سرغايا، وبلودان، والتي أضحت خاضعة للنظام وحلفائه.
وتسرد عنب بلدي خمس معلومات عن هذه المنطقة المحاذية للأراضي اللبنانية، والتي كانت مسرحًا لتطورات ميدانية مختلفة خلال الأعوام الستة الفائتة.
أقدم وأشهر مصيف في سوريا
يعود ذكر مدينة الزبداني ومحيطها إلى العهد الآرامي قبل ميلاد المسيح، واشتهرت بكونها رئة دمشق وسلة الغذاء في ريفها، كونها تجمع السهل والجبل، وعرفت بغزارة ينابيعها وتراكم الثلوج فيها طيلة فصل الشتاء.
ووفقًا لما جاء في أشعار وكتب المؤرخين العرب، فإن الزبداني هو المصيف الأقدم في سوريا، وقال فيها العلامة برهان الدين القيراطي (المتوفي سنة 1379): “دمشق وافى بطيب نسيمها المتداني.. وصح قول البرايا من عاشر الزبداني”.
الأكثر جذبًا للسائحين قبل الثورة
خلال الألفية الثانية، شهدت الزبداني نموًا عمرانيًا لافتًا، الأمر الذي ساهم في تعزيز دورها الرئيسي وريادته لقطاع السياحة في سوريا.
وتعد مدينة الزبداني وبلدة بلودان المجاورة، الأكثر جذبًا للسائحين العرب ولا سيما من الخليج العربي، إذ إنها تحوّلت إلى مقصد صيفي لهم كونها تتميز باعتدال مناخها وميله إلى البرودة في الصيف، إلى جانب وجود مناطق سياحية ومشاهد خلابة، من أحراج وتلال وينابيع وسهول خصبة، عدا عن توفر بنية خصصت للسائحين، فبني فيها نحو 25 فندقًا، إلى جانب مئات الشقق الفندقية.
خضعت لفصائل المعارضة باكرًا
دخلت هذه المنطقة باكرًا في الثورة السلمية ضد النظام السوري، وشهدت ولادة أولى الفصائل المعارضة في ريف دمشق الغربي، وخضعت منذ أواخر عام 2011 لسيطرة “الجيش الحر”، والذي غادرها في شباط 2012، ليعود إليها ويتمركز فيها مجددًا بعد أشهر.
وشكّلت هذه المنطقة أهمية استراتيجية لطرفي الصراع، كونها تجاور منطقة عنجر اللبنانية، الخاضعة لهيمنة “حزب الله”، إلى جانب تموضعها الجغرافي الواصل بين القلمون الغربي ومنطقة وادي بردى في ضواحي دمشق.
حصار وتجويع وتدمير ممنهج
ومع مطلع تموز 2015، بدأت قوات الأسد و”حزب الله” اللبناني، معركة برية واسعة شارك فيها نحو عشر ميليشيات أجنبية ومحلية أخرى، تهدف إلى السيطرة على مدينة الزبداني، في إطار إتمام معارك السيطرة على القلمون الغربي.
واستمرت المعركة بزخم متصاعد طيلة ثلاثة أشهر، استطاعت من خلالها قوات الأسد و”حزب الله” قضم مناطق واسعة من المدينة، إلى أن توصل “جيش الفتح” والجانب الإيراني إلى اتفاق تهدئة يشمل سهل الزبداني إلى جانب مدينة إدلب ومحيطها وبلدتي كفريا والفوعة المواليتين شمالها، في أيلول 2015.
لكن الاتفاق الذي نص على إدخال مساعدات إنسانية إلى البلدات المشمولة، شهد خروقًا تمثلت بإحكام الحصار على بلدتي مضايا وبقين، ومنع دخول المساعدات الغذائية والإنسانية لآلاف العوائل فيهما، ما تسبب بحدوث عشرات الوفيات جراء تفاقم الأمراض، ولا سيما تلك الناجمة عن نقص التغذية.
آخر موقع للمعارضة غرب دمشق
في نيسان 2017، توصلت “أحرار الشام” و”هيئة تحرير الشام” من جهة ومندوبون عن إيران من جهة أخرى، إلى اتفاق نهائي يشمل ملف بلدات الزبداني وكفريا والفوعة، وينص على خروج جميع مقاتلي المعارضة من سهل الزبداني، إلى جانب من يريد من الأهالي باتجاه إدلب، مقابل إخلاء جميع أهالي ومقاتلي كفريا والفوعة.
خرج مقاتلو مضايا قبل أيام، ضمن الاتفاق، ليشهد اليوم (19 نيسان 2017)، إخلاء سهل الزبداني من جميع مقاتليه المحليين، وتخضع بلداته الخمس لسيطرة النظام السوري و”حزب الله” اللبناني.
وبذلك تكون المعارضة قد أخلت آخر موقع لها غرب العاصمة دمشق، بعدما أخلت سابقًا مدن وبلدات القلمون الغربي، ثم بلدات الغوطة الغربية وقدسيا والهامة والتل ومنطقة وادي بردى في الأشهر الفائتة.
–