عماد العبار – الحراك السّلمي السّوري
الوسطيّة
الوسطيّة -بعكس ما هو سائد- ليست بالضرورة موقع تحصيل الرضا والقبول من جميع الأطراف. الوسطيّة -من خلال النص- تكاد تكون عكس هذا المعنى تمامًا. أن تكون وسطيًّا يعني أن تكون في موقع الحق، ناطقًا به، وشاهدًا على تطبيقه بين الناس. وهذا موقع لا يعجب الناس عمومًا، وقد يُضايق أقرب الناس إليك. الوسطيّة موقع مرهق مسؤول ومكلّف، ولا يختاره إلا أولو العزم من الناس وهم قلائل. لكن انتظر، فلا تصاب بالغرور بعد أن وضعت نفسك في هذا الموقع الجديد، فللحكاية تتمّة، ولا تكتمل معاني الوسطيّة إلا حين ترضى أن يكون الحق شهيدًا عليك أنت أيضًا ضمن موقعك هذا، بل بمجرّد أن تضع نفسك هنا يصبح الرسول شهيدًا على حسن أدائك وحسن تبليغك للرسالة، عندها تصبح مسؤولياتك مضاعفة، ولن يشغلك تقصير الناس بقدر ما ستنشغل بتقصيرك الشخصي. الوسطيّة باختصار هي جوهر الرسالة، وحين تخرج الأمة عن الوسطية لا تعود أمّة رسالة. تابع كيف تضعك الآية على ذلك الخط الفاصل بين شهادتك على الناس وبين شهادة الرسول عليك، هنا تكون الوسطية على هذا الخط تمامًا {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (سورة البقرة، 143).
نص التكليف
من المسلمين من يتعامل مع النص كتشريف فقط، حين يشعر بعزّة انتمائه إلى المقدّس ولو بدون عمل، والأسوأ أن تأتي العزّة مع ارتكاب عمل مضاد لجوهر النص ناتج عن فهم موروث خاطئ. النص هو نص تكليفي بامتياز، وإن كان من تشريف ضمن هذا التكليف فإن سيكون بمقدار السعي إلى الفهم الأمثل، وبدرجة العمل على الأرض خدمة للإنسانية من خلال النص، لتحقيق مقاصده كافّة.
القرآن يخاطبك
القرآن يخاطبك أنت حتى تقوّم سلوكك وأفكارك، وليس لتمارس أحكامًا عنجهية على الناس، اقرأ النص كأنه موجه لهدايتك بالدرجة الاولى، قبل أن تستخدمه لحرق الآخرين {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (سورة الإسراء، 9).