مانديلا عربي؟
أحمد الشامي
في اﻷسبوع المنصرم خسرت اﻹنسانية آخر العظماء «مانديلا» رمز المصالحة بين اﻷعراق ومهندس التفكيك السلمي لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
هل من الممكن أن يتكرر مثال «مانديلا» في ربوعنا؟
العدو الذي واجهه «مانديلا» كان نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وهذا العدو، على بشاعته، يبدو ملائكيًا مقارنة «بالنماذج» السائدة في منطقتنا. البيض في جنوب أفريقيا اعتبروا السود مواطنين من الدرجة الثانية ولكنهم لم ينزعوا عنهم يومًا صفة البشر. هكذا تمكن «مانديلا» من البناء على القاسم المشترك بين أعداء الماضي والتقدم صوب إنسانية مشتركة بين الاثنين، تعترف بالآخر وبحقوقه بغض النظر عن عرقه ولونه ودينه.
في حالتنا، العدو الخارجي يعتبرنا حيوانات ناطقة في أفضل الحالات، يتم التعامل معها بالمدافع وبالصواريخ الموجهة عن بعد. العدو الداخلي أنكى، فهو يتعامل معنا كحشرات، يتم «معسها» أو «بخها بالكيماوي»… أين القاسم المشترك بين البهائم والحشرات من جهة واﻹنسان «المتفوق» والنازي الذي يغزو أرضنا ويستعبدنا عبر زبانية محليين مقابل لقمة عيش و «اﻷمان» بما يعني عدم سحقنا بالجملة إن بقينا خانعين نقبل اﻷيادي؟
هل «غياث مطر» و «رزان زيتونة» أقل شجاعة من «مانديلا»؟ ما الفرق بين «ياسين الحاج صالح» المثقف واﻹنساني وبين بطل المصالحة اﻷفريقية؟
من جهة أخرى، مَن مِنْ مثقفينا يجرؤ على المطالبة بدولة لكل مواطنيها في إسرائيل تضم فلسطينيي الضفة والقطاع؟ من يستطيع أن يطالب علنًا بحقوق متساوية للجميع بغض النظر عن دينهم وأصولهم، حتى للملحدين؟ في دولنا (اﻷشبه بمزارع خاصة) من لديه الشجاعة لكي يقبل صراحة بوجود إسرائيل ويجزم بأن مستقبل المنطقة هو في التعايش السلمي وفي بناء منظومة تعاون إقليمي لمصلحة الجميع، من إيران حتى تل أبيب مرورًا بأنقرة ودمشق؟ من يجرؤ على المجاهرة بأن القضاء النزيه والحكم الدستوري أرقى وأنجع من «الهيئة الشرعية»؟
هذا بالضبط ما فعله «مانديلا» وليس «إقامة دولة الخلافة» ولا «تطبيق الشريعة».
مع اﻷسف، نحن لا نعيش في ذات العالم ولا في ذات الحقبة التاريخية التي يعيش فيها باقي البشر، أزمتنا أعمق بكثير من أن يحلها «مانديلا» واحد…
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :